العام الدراسي ماذا يعني؟

تتجدد لنا الأعوام بمناسباتها المختلفة، وكل مناسبة لها سِمتُها المُميِّزة لها عن غيرها، وأجلُّ مناسبات الأعوام مناسبةُ العام الدراسي، أي التعليم الذي ينْشِئ أنفُساً وعقولاً، الذي يربي ويبني، الذي يُعد الكوادر للحاضر والمستقبل، الذي ينتظره الآباء والأمهات بلَهَف لإلحاق أولادهم في فصول المعرفة المختلفة المستجدة منها والمستمرة، والذي ينتظر منه الآباء والأمهات والمجتمع أن يُكوِّن جيلاً فاعلاً صالحاً محباً لدينه ووطنه وأهله ومجتمعه، ينتظر منه الجميع أن يكون جيلاً يرى أن الحاضر أمانة، والمستقبل هدف، والتفوق غاية.

هذا هو المراد من العام الدراسي الذي تُعد له القيادة الرشيدة عُدَّته بتهيئة المدارس والمدرسين والمناهج ومستلزمات ذلك كله، لترى الجيل والأجيال المتعاقبة تقوم بواجبها نحو دينها تمسكاً، وأخلاقها سلوكاً، ووطنها تشييداً، وسمعة الوطن ميّزة.

العام الدراسي يتجدد ومعه أمل لكل دارس أن يتغذى بالمعارف النافعة التي ينشدها لنفسه وأمته، فما هي أجندته حتى يحقق مراد الدارسين والمربين، وقبل ذلك أمل القيادة التي تبذل من أجله بسخاء، وتجعله غايةً للبناء؟

إن أجندته لا تقتصر على حمل الكتب والذهاب للمدرسة وتلقي المناهج المعدة، بل فوق ذلك أن يكون التميز في التعليم هو الهدف الأول لكل من الدارس والمعلم كما هو هدف القيادة الرشيدة، ولا يأتي التميز إلا بنوعيَّة التعليم وتطور أساليبه، ورغبة الدارس أن يناله بجهده، وكون المعلم مميَّزاً يعطي بعلم وفهم وأسلوب، يجعل المادة بسيطة الفهم، تستقر بالذهن وتقبل التطبيق، فإذا توفرت هذه الأمور كان التميز حليف الطالب، وثمرة المعلم، وتتحقق الرغبة المنشودة فيه، فهل يا تُرى سيكون هذا محققاً في العام الدراسي الجديد؟

ذلك هو المرجو للجميع، وحتى يتحقق لابد من أن تكون النية حاضرة، والمثابرة موجودة، والوسائل متاحة، وهذه الأمور الثلاثة مشتركة بين الدارس والبيت والمعلم والمدرسة، فكل واحد منهم عليه أن يبذل جهده حتى يحقق المبتغى المنشود، وإلا كانت مجرد أمانٍ لا يسعفها واقع.

لقد مرَّ العام الدراسي على الآباء والأمهات وكانت الاستعدادات مختلفة عمّا هي عليه الآن، فقد كانت تناسب الزمان البسيط، ومع ذلك أنتجت الأعوام تلك، جهابذة سدوا مكانهم، وحققوا مبتغى زمانهم، أما اليوم فقد تغيرت الاستعدادات، بفعل التحدي الذي أوجده العصر المتطور، من تكنولوجيا رقمية، وذكاء اصطناعي، وفضاء مفتوح، وعولمة غير متناهية، فلابد أن يكون الاستعداد بمستوى هذا التحدي، ودولة الإمارات تقبل التحدي وتخاطر فيه، وها هي رائدة في كل شيء، ولايزال طموحها كبيراً، وسيتحقق الكثير إن شاء الله تعالى بهذه العزائم التي لا تعرف التواني، وبالله التوفيق.

كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء في دبي

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

الأكثر مشاركة