الوافد الجديد

يوسف الأحمد

عندما اختصرت الأندية الطريق ولجأت إلى الحلول السريعة والأفكار المستعارة في سبيل تدعيم صفوفها ومراكزها بعناصر جاهزة ومكتملة البناء، بعد أن جلبتها تحت مسميات مختلفة من مدارس متنوعة الفكر والأسلوب، فإن ذلك قد فرض تساؤلاً لدى شريحة واسعة من المتابعين والنقاد حول جدوى وأهمية فرق المراحل والصغار الذين تتم تنشئتهم وتنميتهم ثم تحضيرهم، بهدف الوصول إلى صف الكبار، وحمل مسؤولية الدفاع عن شعار وألوان فرقهم بعد سنوات من التأسيس والبناء.

منطقياً يرى بعضهم أن اتجاه هذا المسار فيه شيء من الغموض حول مصير هؤلاء ومستقبلهم، مثلما أن حافز الرغبة والطموح سيخف وهجه، وسيموت مع الوقت، بسبب أن ابن النادي بات مدركاً صعوبة المعادلة التي أصبحت غير متساوية الأطراف، وأن فارق المهارة والقدرات سيلعب دوراً في تفوق الوافد الجديد القادم بجاهزية متكاملة، بما يجعل الأنظار والأولوية تميل له مباشرة، كون الأجهزة الفنية من الطبيعي أن يذهب ترجيحها عنصري الجودة والكفاءة العالية بعيداً عن العاطفة والميول، وهو ما قد يجعل اللاعب المحلي حبيساً للدكة أو المغادرة، والرحيل بحثاً عن فرصة أو مكانٍ آخر يحتويه، رغم تضاؤل الفرص وندرتها حالياً في ظل تسابق أندية المحترفين نحو استقطاب وجلب هذه النوعية من اللاعبين.

ولعل التجاذب بين الآراء قد فتح مساحة كبيرة للنقاش والجدال، التي انتهت باتفاق واختلاف بين من يدفع بهذا الاتجاه ومن يطالب بتقنين وضبط العملية، لاسيما في ملاعب الصغار والناشئين التي بدأ يضيق المكان في بعضها، الأمر الذي قد يخالف التوجهات والدواعي التي وُجدت لأجلها تلك المؤسسات وسُخرت لها الإمكانات والميزانيات لتنفيذ البرامج والأنشطة الهادفة فيها.

وبلا شك، فإن تطوير المنظومة لمواكبة المتغيرات من حولنا تعتبر ضرورة وغاية، لها من الاعتبارات والدوافع التي تستدعي استخدامها لتحقيق الأهداف المنشودة منها، فلا اعتراض على ذلك، إذ إنها وسيلة تسهم في التغيير والتحول على صعيد النتائج والمستويات. لكن تبنّي مثل هذه التوجهات يتطلب ضبطاً وتوازناً في التعاطي معها، دون إخلال بالأسس والمبادئ الحاضنة لهوية وشكل الكيان، الذي يعد متنفساً وملاذاً لاحتضان مختلف الأعمار وحمايتهم من المؤثرات المحيطة.

لذا، فإنه لا خلاف على فتح الباب أمام من ترعرع ونشأ على هذه الأرض، لكن هناك من عليه الحذر والانتباه بعدما انعطف عن المسار.

Twitter: @Yousif_alahme

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

تويتر