الإنسانية تحكم
تختلف قضايا الأحوال الشخصية عن غيرها في نوع الخصومة، ففي حالات عدة يتحول النزاع إلى معركة شخصية، ورغبة غير مبررة في الانتقام.
المشرع الإماراتي حرص على رأب الصدع بشتى السبل من خلال نصوص قانونية تحفظ حقوق الأزواج، وتراعي مصلحة الأطفال «المحضونين» في المقام الأول.
في إحدى المناسبات تساءل رجل شاكياً: «كيف أربي ابني وأرعاه وأتابع شؤونه فيما لا يُسمح لي برؤيته سوى ساعات قليلة أسبوعياً؟».
لاشك في أن الرؤية من الأمور التي يعتريها بعض الإشكاليات، ليس بسبب القانون أو آليات تنفيذه، لكن نتيجة الالتفاف عليه، والعناد والتعنت والأنانية من قبل أحد الأبوين أو كليهما، ومن ثم وضعت ضوابط عدة، أبرزها من خلال دليل الإجراءات التنظيمية في مسائل الأحوال الذي تناول مختلف الجوانب المتعلقة بالرؤية.
الدليل وضع ضوابط تحدد زمن الرؤية، مراعياً المسافة بين محل إقامة الطفل المحضون، ومكان إقامة طالب الرؤية، وعمر المحضون.
كما تطرق إلى الجوانب التي تستخدم عادة في الالتفاف على حق الرؤية وحرمان الطرف الآخر منها، أبرزها امتناع المحضون أو عدم رغبته في رؤية أبيه أو صاحب الحق، وهي حيلة تلجأ إليها بعض الأمهات لتبرير منع الطفل عن أبيه بالادعاء أنها رغبة المحضون.
وفي هذه الحالة نص الدليل على ضرورة تدرج القاضي في تنفيذ الرؤية، والاستعانة إذا لزم الأمر بالباحثين الاجتماعيين، أو الأخصائيين في مركز الرؤية لتهيئة المحضون لرؤية والده.
في إحدى القضايا التي نظرتها المحاكم أخيراً طلب الأب قضاء وقت أطول مع ابنته بهدف توطيد علاقتهما، لكن مطلقته رفضت ذلك، فلجأ إلى المحكمة التي ألزمتها بالسماح له بمبيت الطفلة في منزله، وذكرت في حيثيات حكمها عبارة بالغة الإنسانية وهي أن «منع الطفلة من المبيت مع والدها إجحاف لها وله، وليس للأم أن تظلمهما بتعنتها، وهي من تنعم بابنتها طوال الوقت».
بعيداً عن الضوابط القانونية هناك مسؤولية أخلاقية على الأبوين تلزمهما بالمرونة، وإدراك أن الزواج شركة تحتمل النجاح والفشل، فإذا لم يستقم الحال فيجب أن يفترق الشريكان بتحضر وتسامح حفاظاً على الرابط الأهم بينهما وهو الأبناء.
محكم ومستشار قانوني