تحقيق التميز العلمي

الدكتور مراد الرجب*

لم يعد التميز حكراً على الأفراد، بل أصبح هدفاً تسعى إليه المؤسسات أيضاً، كما لم يعد العلم وسيلةً لفهم العالم من حولنا فحسب، بل أصبح قاطرةً للتقدم الاقتصادي والثقافي والاجتماعي، لذا أدرك الجميع أن التفوق في شتى المجالات مثل البحث العلمي والابتكار هو الطريق الوحيد نحو الريادة والتفوق والازدهار.

وقاطرة التميز تتطلب عقلاً يتقبل الفشل كجزء من عملية التعلم، لكنها تسعى دوماً للنهوض بسرعة كطائر الفينيق الذي يخرج من بين الرماد، وقد واجه العلماء على مر التاريخ العديد من الإخفاقات، لكنهم حوّلوها إلى خطوات نحو النجاح.

ولا يقتصر التميز على التفوق العلمي، بل يشمل التميز في الأخلاق، فإذا أبدع فيها الفرد أو المجتمع ارتقى إلى أعلى مراتب الازدهار.

والتميز في العلم يعتمد على الدقة المنهجية والابتكار، فالبحث العلمي الرائد هو الذي يطرح أفكاراً جديدة ويقدم حلولاً غير مسبوقة للتحديات، ومع ذلك يتطلب أيضاً الأخلاق العالية والقدرة على التواصل والتعاون، وهذا ما يعزز قوة الإنجاز والابتكار، لكنه ليس حكراً على العلماء، فكل شخص يستطيع أن يكون متميزاً في مجاله إذا توافرت لديه العناصر الأساسية لتحقيق التميز.

وقد أصبحت التكنولوجيا لاعباً محورياً في سلم التميز المعرفي والعلمي، حيث تسهم في تسهيل الوصول إلى مصادر المعرفة العلمية.

إن التميز، سواء في العلم أو في أي مجال آخر، يعتمد على سبعة عناصر وركائز رئيسة: الرغبة القوية في النجاح، العمل الجاد والاجتهاد في التحصيل المعرفي، المهارات اللازمة لتحقيق ذلك، التحفيز الذاتي، التعلم من الفشل ومواصلة النهوض، الصبر والتحمل، البيئة الداعمة التي تعزز هذا التوجه.

ما يمنع كثيرين من الوصول إلى التميز هو افتقارهم للإيمان بأنفسهم، والاعتقاد الخاطئ بأن النجاح أو التميز يتطلب مواصفات إعجازية.

كل إنسان يحمل في داخله إمكانات مميزة، وإذا اكتشفها ونماها فيمكن أن تصبح مفتاحاً لتميزه.

وفي النهاية التميز هو رحلة طويلة مليئة بالتحديات، لكنها رحلة تستحق العناء لأنها تقود إلى تحقيق الذات وترك أثر دائم في المجتمع.

إنها رحلة يدرك الفرد أثرها عندما يبدأ بجني ثمارها ويستمتع بحلاوة طعمها. وتحقيق التميز في أي مجال هو مسؤولية جماعية، ومسار لا ينتهي، لأنه طريقنا نحو مستقبل أكثر ازدهاراً وتقدماً.

أستاذ مساعد، قسم علوم الحاسوب وتكنولوجيا المعلومات، كلية الهندسة، جامعة أبوظبي

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

تويتر