قراءة الوجه في المجتمعات العربية والغربية

علم قراءة ملامح الوجه لفهم الشخصية، له جذور في الثقافتين العربية والغربية. ويعد كتاب «الفراسة» لفخر الدين الرازي (ت. 1210) من أبرز الأعمال التي تناولت هذا العلم، حيث قدم فيه تحليلات عن علاقة ملامح الوجه بالشخصية، مثل الجبهة الصغيرة التي اعتبرها دليلاً على الجهل، أو العينين الواسعتين اللتين اعتبرهما مؤشراً على الحماقة.

وفي الغرب، كان يُعتقد أن ملامح الوجه، مثل الأنف أو الجبهة، تعكس صفات أخلاقية أو نفسية. كتاب يوهان كاسبار لافاتر Essays on Physiognomy كان من أكثر الأعمال تأثيراً في هذا المجال، وكان يستخدم لتعزيز النظرة الاجتماعية تجاه الجريمة والأخلاق. وفي القرن الـ19 في كتابات فرانز جوزيف غال (Franz Joseph Gal ت. 1828)، ادعى أن شكل الجمجمة يعكس سمات شخصية معينة، مثل الطموح أو العنف. وعلى الرغم من أن هذا العلم اعتُبر في ما بعد علماً زائفاً، فقد أثر بشكل كبير في المجتمعات الغربية، حيث تم استخدامه لتبرير التمييز العرقي والاجتماعي في الفترة الاستعمارية.

وفي حين ركزت النظريات الغربية على التحليل العلمي المزعوم لسمات الجسد، اعتمدت الثقافة العربية على الرمزية والتأمل لفهم الشخصية، بعيداً عن التفسيرات العنصرية والعلمية الزائفة التي ميزت النظريات الغربية.

كان لنا حديث مع أصدقائنا عن قراءة الوجوه ومدى دقتها. وقد ذكر أحد الحاضرين في النقاش أن قراءة الوجوه أكثر شيوعاً في المجتمعات العربية، حيث يعتمد الناس عليها في مواقف معينة، مثل طقوس الزواج التقليدي، حين يطلب الشاب يد الفتاة بمجرد أن ملامح وجهها تُعجبه.

إلا أنه من الضروري أن نحذر من الاعتماد المفرط على قراءة الوجوه للحكم على الآخرين، فالملامح قد لا تعكس حقيقة النفس أو جوهر الشخص، فالوجه قد يخفي وراءه مشاعر وأفكاراً لا يمكن للعين المجردة أن تدركها.

باحث زائر في جامعة هارفارد

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

 

الأكثر مشاركة