بين التقدم التكنولوجي والمسؤولية البشرية

الدكتور مراد الرجب*

الذكاء الاصطناعي ليس مجرد أداة تقنية، بل هو أداة يمتد أثرها إلى جميع مناحي الحياة. ومع هذا الانتشار السريع تبرز العديد من التحديات الأخلاقية التي تستوجب معالجة سريعة وتقييماً شاملاً.

يجب أن تكون أنظمة الذكاء الاصطناعي قادرة على تفسير قراراتها والإجراءات التي تتبعها. وعلينا أن ندرك أنها ليست مجرد أداة، بل تقنية تلامس وتؤثر بشكل كبير في حياة الفرد والمجتمع في العصر الحالي.

هناك مسؤولية أخلاقية كبرى تقع على عاتق مطوري هذه الأنظمة لضمان استخدامها بطريقة عادلة ومنصفة، ويجب أن تكون هذه القرارات شفافة وتخضع للمساءلة.

وعلى سبيل المثال، فعندما تُستخدم أنظمة الذكاء الاصطناعي في قرارات التوظيف، أو تحديد من يستحق قرضاً بنكياً، يجب أن يتم ذلك بعيداً عن أي تحيزات.

من ناحية أخرى، يشكل مبدأ الخصوصية ركيزة أخلاقية أساسية، لأن معظم أنظمة الذكاء الاصطناعي تعتمد إلى حد كبير على جمع وتحليل البيانات، خصوصاً الشخصية منها، ما يثير قلقاً بالغاً حول مدى قدرة هذه الأنظمة على احترام الخصوصية، وحماية حقوق الأفراد ومنع انتهاك خصوصياتهم.

وهنا يأتي دور أصحاب القرار من حكومات وشركات في سن سياسات صارمة لحماية بيانات أفراد المجتمع ويمنع استغلالها. وقد أطلقت منظمة اليونسكو سلسلة من التوصيات عام 2021 تحتوي على مبادئ ومعايير وقوانين أخلاقية لضبط استخدام الذكاء الاصطناعي، ترتكز على السلامة والأمان، وحماية البيانات، والعدالة، والاستدامة.

يجب ألا ننسى أن الهدف من الذكاء الاصطناعي هو تحسين حياة البشر وليس استغلالها.

وتثير قضية التشغيل الذاتي للأنظمة والتعلم العميق مخاوف حول فقدان السيطرة البشرية على التكنولوجيا. هل يمكن أن تصبح هذه الأنظمة ذكية إلى درجة تتجاوز فيها قدرات الإنسان؟ وإذا حدث ذلك، كيف يمكننا ضمان أن تبقى متوافقة مع القيم الأخلاقية؟

في النهاية لا يمكن إنكار أهمية الذكاء الاصطناعي في الحياة البشرية، لكن يجب أن نسعى إلى وضع أطر أخلاقية تضمن لنا الاستخدام الأمثل له.

أستاذ مساعد، قسم علوم الحاسوب وتكنولوجيا المعلومات، كلية الهندسة، جامعة أبوظبي

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

تويتر