المتنمّرون

محمد نجيب*

لم تمر واقعة التنمّر على طفلة جميلة مرور الكرام، سواء على المستوى الرسمي، من خلال مجلس الإمارات للإعلام، أو الشعبي، عبر ردود الأفعال الغاضبة في منصات التواصل الاجتماعي. وهذا يعكس في ذاته ارتفاع مؤشر الوعي بخطورة «التنمر».

الطفلة تعرضت للسخرية والإساءة خلال تصوير برنامج أطفال، ما يعني أنها كانت ضحية تنمّر في بيئة يفترض أنها آمنة ومؤهلة لاحتضان الصغيرات.

البعض يستخف بالتنمر، ويعتقد أن هناك مبالغة في التحذير من تبعاته، بدعوى أننا (الآباء الحاليون) تعرضنا بشكل أو بآخر لهذه الممارسات وتجاوزناها دون إثارة كل هذه المخاوف.

ما لا يدركه هؤلاء أن التنمر مثل غيره من الأمراض التي لم تُكتشف في الماضي، وأدرك العلماء أثرها المدمر لاحقاً.

الدراسات الحديثة تؤكد أن ضحية التنمر يعاني مضاعفات خطرة، مثل القلق وضعف تقدير الذات، واضطرابات النوم والطعام، فضلاً عن نزوعه إلى التغيب عن المدرسة، ومن ثم التسرب الدراسي.

وفي ظل هيمنة «السوشيال ميديا»، ظهر ما يُعرف بـ«التنمر الإلكتروني» الذي يهدد الآلاف حول العالم، خصوصاً من الأطفال والمراهقين.

استناداً إلى القوانين والتشريعات الإماراتية، صدر القرار الوزاري رقم 851 لسنة 2018، بشأن لائحة إدارة السلوك الطلابي الذي يُعرِّف التنمر بأنه «أي شكل من أشكال الإساءة والإيذاء المتعمد، النفسي أو الجسدي أو اللفظي أو الإلكتروني».

كما تُعرّفه المواصفة الإماراتية بـ«الاستغلال المتعمد للقوة، الذي يتخذ أشكالاً عدة من إساءة لفظية أو جسدية أو إيحائية أو اجتماعية».

قبل أشهر فوجئتْ أم في إحدى الدول العربية بانتحار طفلتها البالغة 15 عاماً بطريقة صادمة، وتبين أنها كانت عرضة للتنمر المتكرر من زميلاتها في المدرسة.

دولة الإمارات انتبهت مبكراً لهذا الخطر، واتخذت خطوات مهمة وضرورية لحماية الأطفال، سواء من خلال برنامج الوقاية من التنمر الذي أطلقه المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، أو البرامج التي تطبقها وزارة التربية والتعليم، فضلاً عن القوانين الرادعة التي تتصدى لكل ما يمس الطفل.

ويتبقى فقط أن نتحلى بمسؤولياتنا كآباء، من خلال دعم أبنائنا، واتخاذ كل ما بوسعنا لحمايتهم وتشجيعهم على الإفصاح، وعدم تشجيعهم إذا كانوا هم الطرف المتنمر، لأن مخاطر هذا السلوك لا تمس الضحايا فقط، بل المتنمرين أيضاً.

*محكم ومستشار قانوني

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

تويتر