تلك هي قمة الأنانية

شيماء أحمد

«ليست لدي رسالة في الحياة، أنا مشغول بما يكفي».. هذا قد يكون لسان حال الكثيرين ممن يجدون أن تبني رسالة في الحياة قد يكون عبئاً إضافياً هم في غنى عنه. ولكنني هنا لأخبرهم من واقع تجربة شخصية أن العمل على رسالة معينة قريبة إلى القلب وتفيد البشرية، هي قمة الأنانية.. أتحدث عن الأنانية الإيجابية.

قبل سنوات، تبنيت رسالة نشر الوعي بالصحة النفسية، وقررت أن أظهر على مواقع التواصل الاجتماعي، وأنشر الكتب في سبيل رسالتي التي من شأنها خدمة المجتمع. ما إن قررت تبني هذه الرسالة - وأنا أرى فيها تضحية - حتى تغيرت نفسيتي ١٨٠ درجة. فمثلاً، من منا لم يضطر إلى إنهاء المكالمات التسويقية المزعجة لبعض الشركات. شخصياً ضايقوني كثيراً، وكان تأثيرهم واضحاً في ردي عليهم بعض الأحيان لأسباب لا تخفى عليكم، إلا أن رغبتي في تبني رسالة تخدم المجتمع، صقلت الجانب الإنساني والاجتماعي في شخصيتي بصورة آنية مدهشة. بت أقدِّر جميع الناس بلا استثناء، وأجد جانباً إيجابياً فيهم. صرت أرغب في ترغيب الناس في وظائفهم وطبيعة حياتهم، وألتمس لهم الأعذار. صرت أعلم أنها مكالمة تسويقية، ومع ذلك أبادر بالتحية والسؤال عن أحوالهم والاعتذار عن الاستجابة لسبب الاتصال بكل ود. لقد جعلت مني الرسالة شخصاً إيجابياً سعيداً بصورة معدية، ولكنني لم أكن مستعدة لما هو قادم.

في بادئ الأمر، لم أحصل على موافقة عائلتي لكي أخطو خطوة التوعية باسمي الحقيقي، وإظهار وجهي للعلن، بسبب خوفهم مما قد أتعرض له. ما إن جاءني الرفض حتى اختفت تلك الجرعة الإضافية من السعادة والإيجابية. صرت متقلّبة المزاج كسائر الناس أو كسابق عهدي. صرت أشعر بأنني أعمل في مساحتي الفردية الضيقة التي لا تناسب طموحاتي. وكم كان ذلك الشعور مقيِّداً ومخيباً للآمال، ولكن سرعان ما أتى إصراري على إقناع العائلة بالنتائج المطلوبة، وأسست منصاتي التوعوية بكل انطلاق.

يظن المتابعون بأنني أقدم لهم خدمة، ولكنهم قد يجهلون أن سماحهم لي بإفادتهم واستماعهم لما لدي يخدمني أيضاً بصورة طردية. أنا سعيدة لأنني مفيدة وذات هدف واضح. فما هي رسالتك في الحياة؟

Shaima_AhmedK@

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

تويتر