سياسة الشكر والامتنان

في عالم اليوم، نجد تفاوتاً في مواقف بعض الموظفين تجاه جهات عملهم أو المؤسسات التي يعملون فيها، حيث إن فئة منهم تتبنى سياسة الشكر والامتنان لما يبذله أرباب العمل من رواتب وحوافز تشجيعية، معتبرين أن ما يتلقونه من مقابل مالي هو جزء من التقدير لأدائهم وإبداعهم. هؤلاء الموظفون يرون أن العمل ليس مجرد واجب يُؤدى، بل فرصة للتطور والإسهام في نجاح المؤسسة، ما ينعكس على تفانيهم وإخلاصهم، أي أن التقدير - بالنسبة لهم - يظهر في حوافز تعبّر عن امتنان الإدارة لجهودهم.

لكن في المقابل، هناك فئة أخرى من الموظفين تتبنّى منهجاً مختلفاً، حيث يعتبر هؤلاء أن الجهد المبذول يكون بقدر ما يتقاضونه من حوافز، متجاهلين أن العمل الجاد والمثابرة هما السلم الحقيقي للنجاح، سواء على المستوى الشخصي أو المؤسسي. أصحاب هذه الفئة يرون أن عدم الرضا الوظيفي يمنحهم الحق في تقليل العطاء، دون اعتبار للعلاقة التكاملية بين الموظف ورب العمل، التي تستوجب بذل الجهد بلا حدود لتحقيق أهداف المؤسسة، وضمان استمراريتها ونجاحها.

لكن المثير للتساؤل: كيف يقبل موظف العمل في مكان يشعر بالسخط تجاهه؟ كيف يُبرر لنفسه قضاء الوقت دون إسهام حقيقي في تحقيق الأهداف المؤسسية؟ بل والأكثر من ذلك، كيف يواجه المؤسسة بعكس مرادها ويعمل دون حماسة بحجة أنه يبذل مجهوداً يفوق المطلوب منه؟ هذا النوع من الموظفين يغفل عن أن السماح له بالعمل في المؤسسة هو بحد ذاته، فرصة لا تُقدر بثمن، وفرصة لتطوير نفسه ومهاراته. عمل الموظف دون نفَس بنية الانتقام أو الاعتقاد أنه مظلوم، هو نكران للجميل وإضرار بالمؤسسة التي أتاحت له الفرصة.

كل ذلك لا يُبرر بأي حال من الأحوال، الإساءة للمكان الذي يعمل فيه الموظف. يمكن للموظف في هذه الحالة أن يبحث عن فرص أفضل في أماكن أخرى، دون أن يشوّه سمعته أو يؤذي المؤسسة التي عمل فيها. الانتقال إلى مكان آخر هو الحل الأمثل لمن يشعر بعدم التقدير، بدلاً من الإسهام في تدهور المؤسسة أو التحجج بأنه يعمل فقط بما يتناسب مع ما يُدفع له.

في الختام، تظل سياسة الشكر والامتنان العامل الأهم في خلق بيئة عمل محفزة وإيجابية، والأهم من ذلك، على الموظف أن يعي أن تقدير المؤسسة له يتمثّل في منحه الفرصة للانضمام إليها وتطوير نفسه، وفي المقابل عليه أن يرد الجميل بالعطاء والإخلاص.

*محامٍ وكاتب إعلامي

twitter.com/dryalsharif

www.ysalc.ae

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

الأكثر مشاركة