أنا مرآتكِ
ضعيني في بروازك، واغمريني باهتمامك، وقفي في صفي وخلفي، وكوني سندي حتى يشتدّ عودي أكثر فأكثر.. فأنا مرآتك.
غُضي الطرف ما استطعتِ، وشاهديني بعيون الحب وحنان القلب، وقاتلي معي ولأجلي.. فأنا مرآتكِ.
دعيني أقص كل حكاياتي الحزينة بجوارك، وأسكب على وسادتك كل وجع الكبرياء الجريحة، وغصة الخذلان في بداية الطريق.. فأنا مرآتك.
استمعي لخشونة صوتي بلا تذمر، واضحكي من أعماقك على النكات والتفاهات، ووسّعي صدرك للأخطاء والعثرات.. فأنا مرآتك.
قدميني لصديقاتك وأخبريهن بأنني ما عدت ذلك الصبي المدلل المشاغب، واطمئني إن جلستِ إلى جانبي، فما عاد التهور يغريني على الطريق، وأصبحت مثلك أتجنّب أخطاء الآخرين، ألم أخبرك بأنني «أنا مرآتكِ».
داويني بالصبر ورمّمي انكساري بدعواتك، وحاوري عقلي المشتّت وهدّئي روعي المصدوم من النفاق والرياء والتلوّن، فقد كنت أظن العالم بلا حماقات.
تحمّليني إن لم يعجبن الطعام أو مارست سطوة الأخ الأكبر في وجودك، أو تناسيت وصاياك اليومية ولم أصلِّ في الوقت، ولم أترفع عن أذية غيري.
سامحيني كل فجر، وانتظري عودتي آخر اليوم، ودعيني أنظر في ملامحك كثيراً، وأبتسم وأخبرك: يا الله كم أشبهكِ.
اصرخي في وجهي كلما آذيت نفسي واحكمي قبضتك على عودي المعوّج حتى يستقيم، ولا تملّي أبداً من التقويم، حتماً سيأتي بنتيجة ترضين عنها. فأنا مرآتك.
أَسمعيني كل وقت كلمة «أحبك»، وامطريني بعذب الكلام فلا جدوى في انتقادي وتوبيخي، وابحثي معي عن حل المشكلات قبل عقابي عليها.. فأنا مرآتك.
ثقي بقدر ما منحتني من عمركِ وجهدكِ، وتأكدي أن الأساس متين حتى وإن عصفت بي رياح التجارب القاسية والخبرات القليلة.. فأنا مرآتكِ.
هذا هو لسان حال كل ابن مع أمه، مهما بلغ من العمر ومهما اشتد عوده، عكس ما يتصور البعض أنه أصبح رجلاً يعتمد على نفسه ويتعلم من أخطائه.
كل شاب بحاجة إلى من يحتويه ويفكر فيه ويضعه على الطريق الصحيح، سواء في اختيار ما يدرس أو ما يمتهن من عمل، أو على مستوى علاقاته بمن حوله.
نحن نحب أبناءنا بالفطرة التي وضعها المولى عز وجل في قلوبنا، أما الأبناء فيحبوننا ويعتزون بنا بقدر ما نحبهم وندعمهم ونخبرهم في كل وقت أنهم حقاً مرآتنا الحقيقية في هذه الحياة.
amalalmenshawi@
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه