هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكتب رواية؟

تزداد النقاشات حول ما إذا كان الذكاء الاصطناعي التوليدي قادراً على تأليف الشعر أو كتابة الرواية. يشير البعض إلى أن الذكاء الاصطناعي قد ينجح في إنتاج نصوص تتسم بالجودة التقنية، بينما يرى آخرون أن الإبداع البشري يتجاوز القدرة الحاسوبية للذكاء الاصطناعي، خاصة عندما يتعلق الأمر بالتعبير عن العواطف والتجارب الإنسانية العميقة.

في رسالة بالبريد الإلكتروني جاءتني مؤخراً من مديرة هيئة Reflection Point ذكرت فيها دراسة حديثة عن الذكاء الاصطناعي والإبداع الأدبي: طُلب من 300 مشارك كتابة قصة قصيرة تتألف من ثماني جمل. قُسموا إلى ثلاث مجموعات، مجموعة لم تتلقَ أي مساعدة من الذكاء الاصطناعي، ومجموعة حصلت على مساعدة محدودة، وأخرى حصلت على دعم كبير. أظهرت النتائج أن القصص التي حظيت بدعم كبير من الذكاء الاصطناعي كانت أكثر تنظيماً وتماسكاً، وقد قيّمها قرّاء بشريون بأنها أفضل بنسبة 26% في الكتابة، وأكثر متعة بنسبة 22%، وأقل مللاً بنسبة 15%. ومع ذلك، لاحظ الباحثون أن القصص التي دعمها الذكاء الاصطناعي كانت تفتقر إلى التفرّد والإبداع والمشاعر الموجودة في النصوص البشرية.

من ناحية التقنية والهيكلية، يُظهر الذكاء الاصطناعي قدرة فائقة على تنظيم النصوص من حيث القواعد اللغوية والتماسك البنيوي. في الشعر، يستطيع توليد أبيات متزنة من حيث الوزن والقافية، لكن غالباً ما تكون خالية من الشعور الحقيقي أو الابتكار اللغوي الذي يميز كبار الشعراء. أما في الرواية، فقد يستطيع تقديم حبكة محكمة وتتابع منطقي للأحداث، لكنه يفتقر إلى العواطف الإنسانية التي تنبع من التجارب الشخصية.

إنّ سمة الإبداع البشري والتفرّد هي ما لا يمكن للذكاء الاصطناعي محاكاته بشكل حقيقي، فالقصائد والأعمال الأدبية التي تؤثر في القارئ بعمق تأتي من وحي المشاعر المعقدة والمواقف الفريدة التي يعيشها المؤلف.

أمّا اللغة المجازية، فعلى الرغم من أن الذكاء الاصطناعي يمكنه توليد استعارات وتشبيهات، إلا أن هذه التعابير قد تكون سطحية أو متوقعة، فالشعر الجيد يعتمد على الابتكار في استخدام المجاز واللغة التصويرية التي تحمل معاني متعددة، وهذا يتطلب فهماً عميقاً للثقافة والإنسانية.

يجب أيضاً أن نتذكّر أن الإبداع الأدبي غالباً ما يتغذى على التفاعل مع القراء والنقاد. الكاتب البشري يتأثر بردود الأفعال والتجارب الحياتية، وهو ما يسمح بتطوير النصوص وصقلها. الذكاء الاصطناعي، في المقابل، يعتمد على بيانات سابقة، ولا يستطيع الابتكار خارج الإطار المحدّد له.

  باحث زائر في جامعة هارفارد

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

 

الأكثر مشاركة