صفٌّ واحدٌ

يوسف الأحمد

من المؤسف خروج بعضهم بسلوكٍ وتصرفات منافية لما درجت عليه الأعراف والمفاهيم التي سادت بين مجتمع الجماهير طوال العقود الماضية، فلم يحدث أن انحرف بعضهم عن المسار وغرد خارج السرب، وإن تنافرت الاتجاهات وتباينت المصالح، إلا أنه عندما تتحول بوصلة الاتجاه إلى خارج الحدود، فإن الجميع يقف قلباً وصفاً واحداً أمام خط الأمنيات مع توحيد الدعوات التي تنشد التوفيق والنجاح لمن يحمل راية الوطن في تلك المحافل. ولا غرابة في التجاذبات والمناكفات التي تظهر بالمدرجات وخارجها، بسبب اختلاف الانتماءات، فهو وضع طبيعي للمنافسة وحقٌّ مشروع لأي طرف يبتغي مصالحه لتحقيق أهدافه وطموحاته، مثلما يقارع الآخرين أيضاً لكسب الألقاب والمراكز التي تُلبي رغباته وأهواءه، فلا غبار على ذلك، لكن عندما تتحول المهمة ويتوشح صدرها باسم الإمارات، حينها تتوحد الألوان ويهتف الصوت واحداً، وإن حدث وشذت بعض الأصوات عن المألوف، فإنها كانت تلزم الصمت وتقف بعيداً عن المشهد، إذ لا يعنيها إن فاز هذا أو خسر، كون إحساسها وانتمائها مرهوناً للونها المفضل الذي لا تستطيع أن تتجرد منه، وهو كذلك، إذ لا يمكن إرغامها لتشجيع غريم، مهما ساومها أو فعل فلن تتقبله، فهو حقٌّ أصيل في تشجيع من تريد. لكن في الوقت نفسه، فقد كان هناك احترام وفهم للمسؤولية الوطنية التي وضعت الغالبية أمام مسافة واحدة مع كل من حلّق حاملاً راية التحدي والمنافسة لفرض الوجود ورفع العلم إقليمياً ودولياً.

وعندما يتم رصد مشاهد بمدرجاتنا لمجموعات حضرت في صف الضد، تساند وتشجع جهاراً بلا استحياءٍ أو احترام، فإن ذلك يُعد خروجاً على النص وربما شاذاً في ملاعبنا، الأمر الذي وضع استفهاماً لذلك المنظر الذي أثار استياء جميع الأطياف. صحيح أنه طرأت تحولات عديدة مع تعاقب الأجيال بعد التغير الديموغرافي في ساحات ومدرجات التشجيع، بدخول فئات تحمل مفاهيم مختلفة، تحت ذريعة التجديد وحجة حرية انفتاح التشجيع بغض النظر عن هوية المنافس، إلا أنه وجب على الجميع الحزم والتصدي لهذا الفكر الملوث الذي قد يضرب الأواصر بين الأندية، ويزيد الاحتقان بما قد يؤدي إلى تولد العداء والمجاهرة به، لذا، لا مانع من التعدد بالانتماء والتنوع بتشجيع الألوان، لكن بشرط ألا يكون باستيراد ثقافة البغض والانزلاق الأخلاقي، كالذي نراه ونسمعه في بعض المنصات المجاورة التي فلتت الأمور منها، وأصبحت الآن خارج نطاق السيطرة!

Twitter: @Yousif_alahmed

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

تويتر