كيف حوّل الذكاء الاصطناعي التحديات إلى جوائز؟

الدكتور مراد الرجب*

في لحظة تاريخية وحدث غير مسبوق، وبعد إسدال الستار على أسماء الفائزين بجائزة نوبل في الفيزياء هذا العام، حصل الذكاء الاصطناعي على جائزة نوبل لعام 2024.

والمفارقة أنه مُنح جائزتين إحداهما في الفيزياء والأخرى في الكيمياء، ما أثار جدلاً واسعاً في الأوساط العلمية في أنحاء العالم، وأصبح حديث الساعة.

هذا الحدث الفريد توّج لأول مرة الدور البارز الذي بات الذكاء الاصطناعي يلعبه في إيجاد حلول لقضايا ومشكلات معقدة، كان العلماء يعتقدون حتى وقت قريب أنه من الصعب حلها، لما فيها من تحديات كبرى للبشرية. وقد عكس هذا الإنجاز القدرة الفائقة للذكاء الاصطناعي ومستقبله في مجال البحث العلمي.

جائزة نوبل للفيزياء مُنحت لعالمين استفادا من أدوات مستمدة من علوم الفيزياء، لتطوير نماذج متقدمة من خوارزميات الشبكات العصبية الاصطناعية التي تتمتع بقدرة فائقة على معالجة وتحليل البيانات، ما يمنح الحواسيب القدرة على تعلم أنماط جديدة، دون الحاجة إلى برمجة دقيقة لكل خطوة.

هذه الخوارزميات تعد نواة لتطبيقات الذكاء الاصطناعي الحالية المعتمدة على تعلم الآلة المتقدم.

وقد استُخدمت هذه الشبكات العصبية الاصطناعية لتعزيز الأبحاث في مجالات متنوعة، مثل فيزياء الجسيمات، وعلوم المواد، والفيزياء الفلكية.

وفي المقابل، مُنحت جائزة نوبل في الكيمياء لعلماء طوروا أدوات قائمة على الذكاء الاصطناعي لحل مشكلة مستعصية كانت دون حل على مدار 50 عاماً في علم الأحياء.

هذه الأدوات أسهمت في التنبؤ ببنية كل بروتين معروف للبشرية بدقة عالية، باستخدام برنامج الذكاء الاصطناعي مكّن العلماء من تصميم بروتينات جديدة تماماً، وسيمكنهم أيضاً من تطوير علاجات مخصصة لكل مريض.

تكريم الذكاء الاصطناعي بجائزة نوبل هذا العام لا يعكس التقدم التكنولوجي فحسب، بل أيضاً التغير الجذري في نظرة المجتمع العلمي للعلاقة بين الإنسان والآلة.

وعلى الرغم من هذا الإنجاز، زاد القلق لدى بعضهم من فرض الذكاء الاصطناعي هيمنته على الجوائز العلمية، معتبرين أن هذه الجوائز يجب أن تُمنح للأبحاث البحتة التي تنبثق من العلوم الأساسية فقط.

أستاذ مساعد، قسم علوم الحاسوب وتكنولوجيا المعلومات، كلية الهندسة، جامعة أبوظبي

 لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

تويتر