القراءة مفتاح الحضارة

د. أحمد بن عبدالعزيز الحداد

يتجدد مشروع «تحدي القراءة العربي» الذي أطلقه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، في دورته الثامنة، وهو أكبر مشروع ثقافي عربي لتشجيع الطلاب في العالم العربي والإسلامي على القراءة، عبر التزام أكثر من 28 مليون طالب بالمشاركة بقراءة خمسين مليون كتاب خلال كل عام دراسي؛ ليكون هذا المشروع الخيري المبارك مفتاحاً لباب الحضارة المرتجَّ منذ عصر الانحطاط، فيعاد للحضارة العربية حضورها وفاعليتها في هذا العالم المتسارع حضارياً، لأن الأمة العربية هي التي أنارت الدنيا بحضارتها في عصر الظلام الغربي والشرقي، ولابد للغائب أن يعود، ولن يعود إلا بنهَم القراءة والفهم، اللذين هما الوسيلة للابتكار والإبداع.

فمن يحمل هذا الهمَّ غير رجل الزمان، وحامل لواء العروبة والحضارة؟!

إنه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، الذي يصدق عليه قول الشاعر:

‌له ‌هِممٌ ‌لا ‌منتهى لِكبارها... وهِمَّتُه الصُّغرى أجلُّ من الدهر

له راحةٌ لو أن معشار جودها... على البَر صار البرُّ أندى من البحر

أجلْ إنه لا يريد أن يستأثر بالتطور الثقافي والحضاري الذي أنشأه في دولته وشعبه في فترة قياسية لا نظير لها، بل هو يحب الخير لأمته العربية والإسلامية كما يحبه لنفسه، لذلك أطلق هذا المشروع الحضاري ليمخر به في الدول العربية جمعاء، ويغزو به المدارس وعقول الناشئة، فيلقِّح أفكارهم، ويشحذ هممهم بحضارة أسلافهم حتى يسيروا سيرهم، ويعيدوا مجدهم.

إن هذا المشروع هو في الحقيقة هوية الأمة العربية التي كانت أُمِّيَّةً في جاهليتها، ثم جاء الإسلام فجعلها أمةَ قراءة وكتابة، حيث كان عنوان كتاب ربها المنزّل على نبيها الأمي عليه الصلاة والسلام: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}، فنقلها من أمِّية لا تجيد سوى الكَر والفر، والنهب والسلب، والسبي والرق، إلى أمة تحمل مشعل النور في الخافقين، طِباً وعلوماً وفلكاً وبصرياتٍ وجبراً وهندسةً وجغرافيا، وغير ذلك في نحو ألف ابتكار ابتكرها العرب والمسلمون، كل ذلك بسبب تثقُّفهم بالقراءة والكتابة، ونهمهم في العلم الشرعي والطبيعي.

واليوم ونحن في عصر التكنولوجيا التي يسرت الابتكارات، وتطور الصناعات، يجب علينا كأمة العلم والهداية أن نساير العالم في الابتكار والتطور، ولعلنا إن أوجدنا الهمم القَعْساء كهمة هذا الشيخ الهُمام أن نسابق الزمن، وتكون هذه الأمة للأمم الأخرى إماماً، بعون الملك العلام، ولا ريب فهذه الإمارات قد أدخلت في قلوبنا المسرة ووصلت المجرة.

كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء في دبي

 لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

تويتر