دروس «البريكس»

شيماء أحمد

قامت كل من البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، بدخول التاريخ معاً، بعد أن قامت هذه الدول بتشكيل التكتل الاقتصادي المعروف باسم «البريكس»، ليعزز هذا التعاون اقتصاداتها، ويحد من هيمنة الدولار الأميركي التي ألقت بظلالها على هذه الدول لعقود من الزمن. ولأن التاريخ سيعيد نفسه إن لم نتعظ، سنستخلص من هذا الحدث الدروس المستفادة والمنطبقة على واقع الدول، بل حتى على حياتنا اليومية.

يشكّل «البريكس» درساً عظيماً في كيفية مواجهة الولايات المتحدة، في هذا المثال، بصورة إيجابية بعيداً عن المشادات والمفاوضات التي قد تكون عقيمة في المجمل. فبدلاً من محاولة إقناع الولايات المتحدة بالحد من الأثر السلبي لسيطرة الدولار وفرض العقوبات الدولية وما إلى ذلك، ارتأت هذه الدول أن تصنع الحل بنفسها عن طريق توحيد المصالح بصورة لا تُفقدها استقلاليتها.

الاتحاد قوة.. فمهما كان مستوى النمو للدول متواضعاً، مقارنة بالدول الناضجة سياسياً وعلمياً واقتصادياً، سيشكل التعاون وضم نقاط القوة البسيطة نسبياً لكل منها، قوة تمكّنها من فرض وجود اقتصادي لا يستهان به. كما يشير ذلك إلى أن الفرص متاحة دائماً أمام الجميع، وبانتظار من يلاحظها ويُحسن التخطيط لاستغلالها.

هذه التحالفات لم تأتِ من فراغ، فممثلو هذه الدول يمتلكون مهارات ناعمة متطورة. فلولا السمعة السياسية الطيبة، والاستعداد لاستثمار الوقت في التخطيط المطول، وحيازة المهارات المطلوبة لتذليل الصعاب وتوحيد المسارات وإدارة التنوع، لما تمكّن هذا الخماسي من تحقيق الهدف المنشود. أضف إلى ذلك أن تقبّل التغيير والفرص التي تجلبها الحياة يصنعان فارقاً كبيراً، مع أهمية الإشارة إلى أن هناك من ينتظر الفرص، وهناك من يصنعها، مثل البرازيل التي بادرت وقدّمت هذه الفكرة.

الاستقلال مطلب، ولكن الانزواء بغرض الابتعاد عن المشكلات غير مُجدٍ. فخير الدول هي التي تجيد التكامل مع محيطها، وهذا ليس سهلاً. فعلى سبيل المثال، يفشل العديد من المديرين على مستوى المؤسسات - بغض النظر عن مهاراتهم ومؤهلاتهم - في إقامة علاقات صحية مثمرة طويلة الأمد مع بقية الأقسام الإدارية، بل إن البعض ينتهي به المطاف إلى الاستسلام والانتقال إلى مؤسسة أخرى بعد انتهاء الحلول لديهم، فما بالك بمن يقودون الدول. المسؤوليات في الحياة كبيرة، والهمة العالية مطلوبة، وحيازة المهارات الدبلوماسية تحسّن جودة حياة الأفراد والعلاقات ومستقبل الدول.

Shaima_AhmedK@

 لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

تويتر