«اضحك من قلبك»
هاتِف صديقاً قديماً وأَسقط كل سنوات البعد والغياب من تاريخك، واسترجع معه المواقف والحكايات والأحاديث الخالية من التكلف وستجد أنك تضحك من قلبك.
اجلس على حافة النهر واقذف بالأحجار الصغيرة الواحد تلو الآخر على صفحة مائه، واصنع دوائر ووجوهاً مبتسمة لتسخر من هموم الأيام وتقلبها وستجد أنك تضحك من قلبك.
خبّئ الوجع والانكسار في حقيبتك وضع جوارها طعاماً تحبه وابحث عمن يشتهيه وشاركه معه بلا تعارف واحكِ له النكات التافهة، وستجد أنك تضحك من قلبك.
افتح بابك على مصراعيه وسط شتاء ديسمبر، وألقِ بجسدك المنهك وروحك المعذبة تحت المطر بلا تردد، وافتح ذراعيك ومسامك للهواء، واروِ عطشك من ماء السماء وارتعش من البرد وستجد أنك تضحك من قلبك.
انتظر الغروب على رمال البحر، وأطعم طيور النورس من يديك واصرخ لوخز منقارها فوق أصابعك، واترك الأحزان تغيب مع غياب الشمس، وتعلم كيف تجدد الحياة مع قدوم الغد وستجد أنك تضحك من قلبك.
كن ممتناً لأشيائك البسيطة، حيث الرضا والراحة الحقيقية، فما أعظم تقدير النعم وما أسرع زوالها عن الناقمين، وتذكر أن الرحلة قصيرة والرحيل قدر لا حيلة فيه ولا وسيلة لتأجيله، فاستمتع بالمتاح حتى تُفتح الأبواب لأمنياتك وستجد أنك تضحك من قلبك.
لا تشتكِ إلا لمن بيده عونك، فالناس تسأم وجوه العابثين وتمل من الشكائين المتباكين على الحظوظ، فالله جل وعلا عادل في عطاياه ومنعه، واهدأ فلا مشكل بلا حل طالما بقيت فينا أنفاس. تذكر ذلك مع كل همّ وستجد أنك تضحك من قلبك.
احرص على وقتك ولا تسمح لأحد بأن يعكر صفوك أو يمرض بدنك بالخصام ومسموم الكلام، وأخرج المنافقين والحاقدين من دائرتك وتجاهل من لا يعرف قدرك، وانتصر في كل وقت لسلامك الداخلي وستجد أنك سليم الصدر معافى وبوسعك أن تضحك من قلبك.
خصص سويعات كل يوم لنفسك وقسمها ما بين دنياك وآخرتك، فذلك حقاً هو العمر الحقيقي الذي نحياه والزاد الذي نستعد به بعيداً عن ضجيج المسؤوليات والالتزامات تجاه من حولنا.
كثيرة هي الأقدار التي لا حيلة لنا فيها ونقابلها بالتسليم التام، لكن ثمة أشياء بوسعنا اختيارها وصنعها، منها تعلم كيف نجابه قسوة الدنيا وحماقاتها بالهدوء والصبر والاحتساب، وألا نترك قلوبنا فريسة للهموم والأحزان، وأن ننتزع ضحكات من القلب تُسعدنا وتساعدنا على تخطي الصعب.
amalalmenshawi@
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه