الاستدامة بالتعهيد

ونحن على أعتاب نهاية العام الثاني للاستدامة، أعود بذاكرتي إلى النقاشات العديدة التي خضتها مع نخبة الخبراء والمفكرين حول معنى «الاستدامة» وتطبيقاتها التي يجب أن تطال شتى المجالات، وقد حاولت من خلال مشاركتي في إعداد كتاب «الاستدامة برؤية إماراتية» توضيح هذا المعنى وتقديمه بصورة مبسطة سلسة، لكن في الوقت نفسه تعطيه حقه دون أي تورية أو انتقاص، خاصة أننا نعيش في زمن يحسب فيه كثيرون أن الاستدامة تختص بالبيئة فحسب، ناسين أن هذا المفهوم يحمل في طياته أبعاداً أكثر شمولاً وعمقاً بكثير. ومن هنا، أطلقت العنان لقلمي ليسرد فكرة «الاستدامة بالتعهيد» كنهج مبتكر يتجاوز أساليب الإدارة التقليدية، ويجعل من استدامة الأعمال مساراً فاعلاً يركز على الكفاءة والمرونة، لاسيما في إدارة الموارد البشرية.

إن عالمنا اليوم يتغير بشكل متسارع يفوق التصور، وبات من الضروري جداً على المؤسسات اعتماد أساليب جديدة تمكنها من التكيف مع هذه المتغيرات، وتمنحها رشاقة عند الاستجابات، ولعل «الاستدامة بالتعهيد» هي الحل المناسب لتحقيق هذه الرؤية، لأنها تنطوي على توفير الكفاءات البشرية لمن يحتاجها من المؤسسات، بشكل سريع وفعّال، وعبر شركات مختصة، ما يوفر وقتاً وجهداً ثمينين، ويخفض تكاليف التوظيف التقليدية، كما يتيح التركيز على تطوير استراتيجيات الأعمال والابتكار دون الغوص في تفاصيل عمليات التوظيف وإدارة الموارد.

ولعلكم تابعتم الاجتماعات السنوية لحكومة الإمارات لعام 2024 التي عقدت خلال اليومين الماضيين، وركزت على القطاعات التي تخطط الحكومة الرشيدة إلى إحداث نقلات جديدة فيها، مثل التعليم والتنمية البشرية والمجتمع، والتي أتت أيضاً استكمالاً لمجموعة جهود وبرامج حكومية أخرى، لاسيما برنامج «تصفير البيروقراطية الحكومية» الذي أطلقه صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، لتسريع وتيرة الإجراءات الحكومية، والذي قد تكون «الاستدامة بالتعهيد» إحدى أدواته الفاعلة والمؤثرة.

وهكذا فإن «الاستدامة بالتعهيد» تعد خطوة استراتيجية نحو استدامة مؤسسية طويلة الأمد، لأنها تمكن المؤسسات من خلق بيئة عمل مرنة ومستدامة، وتساعدها على تحقيق أهدافها، وتفتح أمامها أبواباً جديدة للنجاح، وتضمن، بلاشك، بقاءها منافساً قوياً ومؤثراً على المدى الطويل.

* مؤسس سهيل للحلول الذكية

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه