جهل غير مبرر

محمد نجيب*

حالات عدة لأشخاص تورطوا في ارتكاب جرائم معظمها بسيط بسبب جهلهم بالقانون، مثل شخص غادر في إجازة إلى بلاده، وجلب معه أثناء عودته مادة مخدرة دأب على تعاطيها هناك في ظل جواز ذلك قانوناً، وحين ضُبط من قبل الجهات المختصة في المطار، تذرع بعدم معرفته أن هذه المادة مدرجة في جدول المخدرات ومحظورة بالدولة.

وشخص آخر سافر إلى الخارج، ونظراً لهوسه الشديد بالأسلحة الأثرية أسرف في شراء عدد من المسدسات والبنادق المصنعة على غرار نماذج عتيقة كانت تستخدم في بداية تصنيع تلك الأسلحة، وأحضر معه خطاباً من المتاجر التي اشتراها منها ترخص له حملها معه في الطائرة، لكنه لم يكلف نفسه عناء مراجعة الأشياء المحظور دخولها إلى الدولة فاتُخذت معه الإجراءات القانونية اللازمة.

وفي ظل التطور المستمر لقانون مكافحة الجرائم الإلكترونية، لم يعرف أحدهم أن هناك تعديلاً في المادة المتعلقة بالتصوير في الأماكن العامة، بما يجرم تصوير الآخرين في أي مكان عام أو خاص، عكس القانون السابق الذي كان يقصر التجريم على تصوير الغير في الأماكن الخاصة فقط، وفوجئ ببلاغ ضده من رجل ظهر بالصدفة هو وزوجته في صورة التقطها صاحبنا، ونشرها على حسابه في إحدى وسائل التواصل الاجتماعي دون أن ينتبه إلى وجودهما فيها.

الحالات كثيرة ومتعددة وتتعلق بجوانب قانونية عدة، ما يستدعي توضيح أمر مهم هو أن قانون العقوبات واضح وحاسم في هذه الشأن، فلا يجوز التعذر بالجهل بأحكام القانون في المسائل الجزائية على غرار النماذج المشار إليها سلفاً.

وتنص المادة رقم (43) من المرسوم بقانون اتحادي رقم (31) لسنة 2021 في شأن الجرائم والعقوبات على أنه «لا يعد الجهل بأحكام القوانين الجزائية عذراً».

وتنص تشريعات غالبية دول العالم على ذلك حتى لا يفلت المجرم من العقاب، لأن من الواجب على الجميع الإلمام بأحكام هذه القوانين طالما نشرت في الجريدة الرسمية.

وتأتي أهمية الإلمام بهذه القاعدة في ظل حرص الدولة على تحديث التشريعات بشكل مستمر بما يتواكب مع متغيرات العصر واحتياجات المجتمع، وسن نصوص تتعلق بممارسات نقوم بها بشكل اعتيادي دون أن ندرك أنها قد تضعنا تحت المساءلة القانونية.

*محكم ومستشار قانوني

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

تويتر