الإعلام المسؤول

يوسف الأحمد

كرة القدم تعتبر من أكثر الرياضات التي تجمع الناس، وتُشعل مشاعر الحماس والإثارة، نتيجة الشغف والانتماء الطاغي عليها، رغم أن الصراع فيها قد يؤدي أحياناً إلى إحداث التوتر والمشاحنات بين الجماهير، بسبب الطبيعة التنافسية، ورغبات الفوز وكسر الكبرياء المتعارف بينهم.

دور الإعلام الرياضي ومقدمي البرامج يُعدُّ رئيساً في حزم وضبط نبرة المذياع وتخفيف حدته، بتوجيه الرسائل الإيجابية، ومحاربة الأفكار والمصطلحات الشاذة التي تنحرف عن المسار.

فهم يتحملون مسؤولية كبيرة في الحد من الانفلات والشحن العصبي، من خلال تهذيب السلوك، وتكريس مفهوم الروح الرياضية، واحترام المنافس، إذ إنه دور أصيل لتشكيل وعي الجماهير، وإدارة سلوكهم، وتوعيتهم بالآراء المتزنة والمفردات المنتقاة، التي يجب ألا تخرج عن سياق النص، كون الإعلام يُشكل منصة قوية لتعزيز القيم الرياضية، ونشر ثقافة الاحترام المتبادل المبنية على فكرة وأهمية التنافس الشريف الذي يجمع فرقنا الخليجية، لاسيما في البطولات الإقليمية والقارية التي يُفترض أن يكون أحد أهدافها، بعد التنافس الكروي، هو التقارب وتوحيد المواقف، لأن ما يجمعها بعد حب اللعبة هو حبل القرابة، بغض النظر عما تؤول إليه نتائج تلك المواجهات.

لكن عندما يتبوأ البعض المنابر ويتصدر الشاشات، فإن الطرح المتزن المستند إلى ركن الحياد والمنطق يجب أن يطغى على أصوات ذلك المنبر، كونه من أخلاقيات الإعلام المسؤول الذي يستوجب تجنب الانحياز، ثم البعد عن تصرفات وألفاظ المشجعين، بل يفترض عكس صورة متساوية ومتسقة مع الرسالة الإعلامية الهادفة إلى نبذ التعصب وتأجيج الكراهية، بسبب شعور الغضب والإحباط الذي يتولد لاحقاً وينمو مع الوقت، بفعل تلك السقطات غير المحسوبة التي يتناولها البعض بأسلوب خارج عن سيناريو النقاش والحوار الفني، مثلما يُوجه بطريقة مُشخصنة فاضحة، تصطبغ بألوان التهكم والازدراء، وكأنها فرصة وجدوها للتشفي والنيل من الآخر.

برامج استوديوهات التحليل أداة للتوعية والتثقيف وبث الرسائل النافعة، إذ إن المذيع ينبغي أن يُشكّل حلقة وصل بين أطراف اللعبة، فهو من يضبط الحوار، ويضمن توجيهه بشكل إيجابي وهادف.

لهذا، فكما تعزف هذه الفئة على أسطوانة الأداء وجودة النتائج، ثم تتسلط انتقاداً واتهاماً لمن تشاء، فإن التأدب في الخطاب، وضبط المفردات، يُعد عنصراً مهماً في بلورة الفهم والسلوك الكروي، لأجل بناء جيل واعٍ من الجماهير، الذي لن يكون إلا من خلال إعلام ناصح ومتزن، يعمل بمحتوى إيجابي وحيادي.

Yousif_alahmed@

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

 

تويتر