رجل من ذهب
كم من أمثلة مشرقة في مجتمعنا لأشخاص اختاروا البُعد عن الأضواء وتقديم العطاء دون أي مقابل، ومنهم رجل صافي القلب صادق النوايا، خصص كل وقته وجهده لخدمة أصحاب الهمم، متجاهلاً المكاسب الشخصية والمجد الإعلامي، كان يمكنه أن يسير كغيره على درب المال والشهرة، لكنه فضّل أن تكون حياته جسراً يعبره كل محتاج، فكان مثالاً يُحتذى في الإنسانية والبذل، ورمزاً لأسمى معاني الخير والمعروف، لقد أدرك هذا الرجل منذ اللحظة الأولى أن التمكين هو السبيل الوحيد إلى بناء الثقة وتعزيز القدرات، فبدأ مسيرته بتأسيس برامج تعليمية وتدريبية تهدف إلى تمكين أصحاب الهمم وتزويدهم بشتى المهارات التي تكفل اندماجهم الفاعل في المجتمع. لم يكن يسعى إلى ثروة أو اسم أو تكوين صيت، بل كان هدفه النبيل هو أن يرى هذه المجموعة الكريمة تحيا بسعادة دون أي شعور بالنقص أو التمييز.
وعلى مر السنوات طوّر الرجل جهوده لتشمل مشاريع تأهيلية توفر فرص عمل حقيقية ومتعددة لأصحاب الهمم، بالإضافة إلى حرصه الكبير على تنظيم مجموعة من الأنشطة الترفيهية التي تزرع الفرح في نفوسهم وتعزز شعورهم بالاندماج، ولعل ما يزيد من تميّزه هو قيامه بمدّ جسور التفاهم والاحترام بين أصحاب الهمم وبقية أفراد المجتمع، إيماناً منه بأن التحدي الأكبر الذي يحول دون اندماجهم الكامل هو الصورة النمطية وما يرتبط بها من عوائق اجتماعية، فقام بنشر الوعي وتنظيم الحملات التي تسلط الضوء على قدراتهم الحقيقية، ما أضفى بُعداً أكبر على رسالته الإنسانية.
بالتأكيد واجه في رحلته الكثير من التحديات، بعضها تمثل في نقص الموارد والدعم، وبعضها الآخر في المصاعب النفسية التي تأتي مع هذا النوع من العمل الخيري المتواصل، لكنه ظل متشبثاً بإيمانه وقيمه، ساعياً إلى تقديم الأفضل حتى في أحلك الظروف.
واليوم، وبعد سنوات من العطاء الصامت، تحول هذا الرجل إلى نموذج للتواضع والخير، يذكره كل من استفاد من جهوده، مذكراً الجميع بأن الإنسانية ليست في الكلام المعسول أو الشعارات الرنانة، بل هي في الأثر والأفعال الصادقة التي تزرع الحب في قلوب الآخرين وتظل نابضة بروح التضحية والعطاء، وسيبقى هذا الرجل، هو وغيره ممن يتبعون دربه، شخصيات ينعم بها مجتمعنا، وترسم فيه أبلغ الصور وأنبل الأعمال.
* مؤسس سهيل للحلول الذكية
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه