متى نتوقف عن قراءة كتاب؟
سألتني زميلتي الجامعية هذا السؤال، وأضافت: «ثمّة من يتوقف عن قراءة كتاب دون شعور بالذنب، بينما يُصرُّ آخرون على مواصلة القراءة حتى الصفحة الأخيرة، فما رأيك؟».
قلت لها إن السؤال عينه كانت قد طرحته مجلة «هارفارد جازيت»، في الشهر الماضي، على مجموعة من عشاق الكتب في الجامعة، وتبين من الإجابات أن هناك مدرستين فكريّتين: الأولى تقول إنه يجب أن نكمل ما بدأناه، بينما الثانية تعلن أن الحياة أقصر من أن نضيعها مع كتب لا نستمتع بها.
على الرغم من أن جميع القرّاء الذين تمت مقابلتهم في هذا التقرير يتبنون الرأي القائل «الحياة أقصر من الكتب التي لا نستمتع بها»، فإنهم يختلفون في تحديد اللحظة التي يمكن عندها التوقف عن القراءة بلا شعور بالذنب.
قالت أستاذة اللغات الجرمانية والفلكلور في جامعة هارفارد، ماريا تاتار: «إن قراءة كتاب هي تلاقٍ سحري، يخلق تجربة ممتعة، وعندما يغيب هذا السحر، فإن التوقف قد يكون مخيّباً للآمال، لكنه أيضاً يكون مريحاً للنفس».
وأضافت تاتار: «هناك رومانسية معينة في القراءة، ومن هنا يأتي الحزن الذي لا مفر منه عند فراق كتاب ممتع». وتابعت: «أحتاج إلى كل من الجوهر والسحر، إلى محتوى يأسرني وسحر ينبض من النص المكتوب.. إذا لم يكن الكتاب يأسرني بعد نحو 50 صفحة، أضعه جانباً. وفي بعض الأحيان، بعد نصف الكتاب، أدرك أنني فهمت كل شيء، ويمكنني التوقف عن القراءة. يحدث هذا كثيراً مع السير الذاتية، على سبيل المثال».
أما ريد لوري، أمين المكتبة، فهو من محبي الأدب البوليسي، ولا يجد مشكلة في التخلي عن الكتب عندما يقع الكتاب في فخ الكليشيهات أو الأساليب المكررة: «خطر الاستمرار في قراءة كتاب من هذا النوع حتى النهاية، لأنك قد تقع ضحية منعطف درامي سيئ، يجعل من قراءة المئات من الصفحات السابقة مضيعة للوقت، مثل (زوجها المفقود كان يعيش في كهف بالقرب من منزلها طوال الوقت، وقد التقت به مرات عدة دون أن تدرك أنه زوجها)» وأضاف: «يجب عليك الاستمرار في القراءة إذا كنت تستمتع بالكتاب أو تتعلم منه، لكن إذا لم يكن أي من هذين الأمرين صحيحاً، ضع الكتاب جانباً، وابحث عن كتاب آخر».
وختمت حديثي بقول المتنبي: «وَخَيْرُ جَلِيْسٍ في الزَّمانِ كِتابُ»، وعقّبت عليه بقولي: «شريطة أن يكون هذا الكتاب ممتعاً».
* باحث زائر في جامعة هارفارد
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه