الجانب المضيء

أمل المنشاوي

ينير دواخلنا كلما أعتمت، ويحيي فينا الحياة مهما خفت الشغف بها، ويخبرنا في نهاية كل رحلة شاقة أن «مع العسر يسراً».

يختبئ خلف نكرانه، ويبتعد كلما تجاهلنا قدره، ويعرف جيداً أنه قادم لا محالة، مهما تأخرت المشيئة، ليمحو الظلام، ويبدد الخوف، ويصلح ما تكسر.

يسطع في النفوس النقية، ويغلب شقوتها، ويتغلب على بؤسها، ويصاحبها ما بقيت فيها حياة، ويترك أثره على ذكراها بعد الرحيل، وينفع بقصتها مِن بعدها كل مَن تعثر.

يتلألأ حولنا، ويرسم هالات من السكينة والهدوء حين يغمرنا الرضا بما قسمته الأقدار، لندرك لاحقاً خيريتها، ونؤمن بألا شيء عبثياً في هذا الكون، وأن كل أمر فيه بقدر.

يدافع عن سلام صدورنا حين تباغتنا الهموم وتكثر الأوهام، ويخفف وطأة الأحزان، ونتقوى به وقت الانكسار، ويُظهر الخير الذي يكمن في ما كنا نظنه بقصور عقولنا شراً.

نطمئن به، حين يخذلنا أو يؤذينا منافق كنا نظنه صديقاً، ويعيدنا إلى جادة الطريق، ويلملم ما تبعثر فينا، ويرتب فوضى الأيام من حولنا، ويظل جوارنا يرقبنا من بعيد حتى نستقر.

يزورنا في أوقات القرب والتجلي، فيضاً نورانياً من نور الله عز وجل، ونفحة عظيمة من نفحاته الرحيمة، وجائزة سماوية للإخلاص وحسن التوكل، فيسمو بنا فوق ماديتنا، ويمنحنا شعوراً فوق إحساس البشر.

إنه الجانب المضيء في حياة كل منا، ونصف الكوب المملوء، والحكمة التي ندركها بعد كل خسارة، والخير الذي يتغلب على الشر بقدر ما نقدم لأنفسنا ولمن حولنا ونترك من طيب الأثر.

الجانب المضيء، شعاع نور فوق كل الصور القاتمة في حياتنا، نراه حين نصفي نفوسنا من الحقد والحسد والضغينة، ونفهم معنى ألا شيء أفسد لدنيانا وآخرتنا أكبر من السخط والنظر لما في يد الغير.

لكل منا جانبه المضيء ولحظة توهجه وحظه الذي لا يخطئه مهما تأخر، والأجمل أن نبقيه حين يصل، ونترك له قلوبنا وأرواحنا لينيرها مع كل فجر.

amalalmenshawi@

 لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

تويتر