الوسيط العقاري التقليدي والتكنولوجيا
تعدّ التكنولوجيا من أهم الوسائل التي ساعدت القطاع العقاري على النهوض بقوة، حيث حقق من خلالها قفزات نمو وتطور متسارعة نحو العالمية، سواء في مجال البناء والتصميم، أو في مجال الخدمات والمعاملات التي تخص الشركات والمستثمرين.
اختلفت أشكال تكنولوجيا العقارات بالقطاع، كما اختلفت معها الوسائل والطرق المستخدمة في ذلك، ودخول الذكاء الاصطناعي أعطى دفعة قوية لنشاط السوق، من خلال إسهامه في تسهيل عمل الشركات العقارية والمسوقين، وتعزيز الفرص أمام المستثمرين.. لكن هل هذا يغني الوسيط العقاري عن أداء مهامه؟
الحقيقة لا، ولا يمكن لأي إنجاز تكنولوجي مهما كان متطوراً أن يغني عن مهام الوسيط العقاري البشري، في رأيي، لأن سوق الوساطة العقارية يصنعها الوسيط، وليست الآلة أو المنصة الرقمية أو التطبيق الذكي أو المساعد الافتراضي.
اليوم يشهد الذكاء الاصطناعي التوليدي تطوراً سريعاً ومخيفاً في الوقت نفسه، ما يهدد مصير آلاف الوظائف والمهام في العالم، لكنه لا يهدد مهام الوسيط العقاري، لأنه ببساطة، العميل أو المستثمر، هو بشر بالنهاية، وبطبيعته يفضل التعامل مع بشر مثله، يفهم قصده وماذا يريد فعلاً، ويأخذ ويعطي معه.
مع اختلاف التطبيقات الخدمية العقارية والمنصات الذكية للتسويق والقنوات الرقمية لإنجاز المعاملات العقارية، والجولات الافتراضية للعقار، والدردشة الافتراضية، لا يوجد أي مستثمر أو مشترٍ عقاريّ وقّع صفقة شراء وحدة عقارية بمجرد أن رأى صورها على إحدى منصات التواصل الاجتماعي، أو قام بجولة افتراضية داخل العقار، أو تحدث إلى مساعد افتراضي وأقنعه بذلك، لأن فن الإقناع أحد التخصصات التابعة للوسيط العقاري، وفن التفاوض أحد التخصصات التابعة له كذلك، والأمر نفسه بالنسبة لإبراز مزايا العقار وإيجابياته وسلبياته وتأثيره في الخطة الاستثمارية للمستثمر، وإتمام الصفقة وإغلاقها من الأدوار الرئيسة للوسيط العقاري وليس للتكنولوجيا.
باختصار، التكنولوجيا أداة مساعدة لتسهيل بعض مهام الوسيط العقاري، مثل التسويق وتوصيل المعلومة والتحديثات باستمرار، والتفاعل السريع من المتعاملين والوصول إلى المشترين المستهدفين، ومطلوب منه إتقان العمل بها واستخدامها، لأنها تشكل حالياً أحد التحديات الحديثة لتطوير مهاراته ومواكبته المستجدات في السوق، كما أنها من الوسائل التي عززت من مكتسبات القطاع العقاري، لكن لا يمكن أن تحلّ محل الوسيط العقاري وتؤدي مهامه نيابة عنه مهما كان الأمر.
ismailalhammadi@
Ismail.alhammadi@alruwad.ae
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه