الوظيفة.. ربة منزل

محمد سالم آل علي

أنا ربة منزل.. هذه العبارة التي ربما تبدو بسيطة، تحمل في طياتها قصصاً لا تُروى، وحكايات تتجدّد مع كل شروق.

هي ليست مجرد كلمات، بل تعريف لدور يتجاوز حدود الزمان والمكان.. الأم سواء كانت تعمل داخل المنزل أو خارجه، هي الركيزة التي يبنى عليها كيان الأسرة، ودفء البيت الذي لا يُعوّض.

مع كل صباح، تبدأ رحلة الأم، تستيقظ مع أول خيوط الفجر، كأنما توقظ العالم بأسره، تُعِدّ الفطور، وتجهز الأبناء ليومهم، تلاحقهم بابتسامة وربما ببعض التوجيهات السريعة، ثم تعود لتُكمل ما بدأته. وإن كانت أمّاً عاملة، فهي تحمل حقيبتها وتُلقي نظرة أخيرة على البيت، لتطمئن على أن كل شيء يسير كما خططت له، لكن حتى وهي في مكان عملها يبقى قلبها هناك مع عائلتها.

تأمّل يوماً في حياة أمّ وستجدها ملحمة من العطاء، لا حباً ينتظر مقابلاً، ولا جهداً يشكو من التعب. الأم هي الحاضر الدائم.. ذلك الضوء الذي يضيء كل زاوية، واليد التي تمسح دموع الأبناء، والصوت الذي يملأ البيت حباً وحناناً.

في زحمة الحياة وضغوط العمل، قد يحدث أن تنشغل الأم أو الأب عن الحضور الحقيقي في حياة الأبناء، كم من موقف حاسم احتاج فيه طفل إلى كلمة طمأنة أو عناق، لكنه لم يجد؟ الحضور العاطفي ليس رفاهية، بل حاجة أساسية تترك أثراً يدوم لعقود.

رسالتي ليست تقليصاً لأهمية العمل أو الطموح، بل دعوة لإعادة التوازن، فنجاح الأبناء وسعادتهم ليسا مجرد أهداف عابرة، بل هما أعظم إنجاز يمكن أن يحققه الوالدان في حياتهما.

إذا كانت الأم هي القلب، فالأب هو العقل الذي يحمي الأسرة ويخطط لمستقبلها.. الأب الذي يتفاعل مع أبنائه ويشاركهم أحلامهم هو الأب الذي يترك بصمة لا تُنسى في حياتهم.

لقد أتاح برنامج نمو الأسرة الإماراتية، الذي اطلع عليه صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، أول من أمس، منصة رائعة لدعم وتعزيز دور الأسر في بناء مجتمع متماسك. فالمبادرات الوطنية مثل هذه، تسلط الضوء على أهمية استقرار الأسرة وتماسكها كأولوية وطنية، ما يعزز قدرة الأمهات والآباء على الموازنة بين طموحاتهم المهنية وأدوارهم الأسرية.

ستبقى الأم تلك الإنسانة التي تُشعل الحب والعطاء بلا حدود، قادرة على مواجهة التحديات، ومدركة لقيمة وجودها في حياة أسرتها.

لكل أمّ أقول: لا تقللي من شأن نفسك، دورك أكبر من كل الألقاب، وأثرك يمتد إلى الأجيال القادمة.

مؤسس سهيل للحلول الذكية

 لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

 

تويتر