لحظة غضب

محمد نجيب*

لم يتحمل الرجل إهانات زوجته السابقة، وبادر إلى تحرير بلاغ ضدها لتورطها في سبه بأسوأ الألفاظ، وقذفه بصفات تحط من قدره وكرامته، لدرجة دفعته إلى الخضوع لعلاج نفسي - حسبما ذكر أمام المحكمة - ولاحقها جزائياً ومدنياً طالباً التعويض عما خلّفته في نفسه من ألم.

بالنظر إلى الدعوى يتبين أن الخصومة الشديدة بينهما بدأت قبل الطلاق، وانتقلت إلى ساحات المحاكم وشهدت كثيراً من الشد والجذب حتى تحول الحب إلى كراهية والمودة إلى بغضاء.

الخلافات الأسرية، خصوصاً الزوجية، ربما تكون الأسوأ بين كل النزاعات القضائية، ليس بسبب صعوبتها أو تعقيدها لكن بسبب جنوح طرفيها إلى العداء المفرط، واستغلال كل منهما نقاط ضعف الآخر التي يعرفها جيداً في إيذائه والنيل منه.

ومن المعتاد في كثير من الحالات أن يمر أطراف هذه النزاعات بحالة نفسية متدنية، فما أسوأ من أن يطعنك من كان أقرب الناس إليك بالأمس القريب.

وتخفيفاً من حدة الخلاف واحتواء المشاعر الغاضبة يحرص الموجهون الأسريون بالمحاكم على تقريب وجهات النظر، وتلزم المادة 12 من دليل الإجراءات التنظيمية في مسائل الأحوال الشخصية بمحاكم دبي الموجه بعدم إبلاغ أي من طرفي الخلاف بما تعرض له من سب أو إساءة أو تحقير حفاظاً على فرص الصلح بينهما.

ومن واقع ما يمر علينا من دعاوى تقل فرص التسامح من جانب الطرف الذي يتعرض للسب، مستغلاً ذلك في ترجيح كفته بالنزاعات الأسرية، ومعتمداً على أن غالبية الجرائم تكون موثقة إلكترونياً عبر تطبيقات الدردشة التي ضاعفت من عدد هذه القضايا.

وبحسب المادة 427 من قانون العقوبات: «يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر أو بالغرامة التي لا تزيد على 5000 درهم، إذا وقع القذف أو السب بطريق الهاتف، أو في مواجهة المجني عليه وبحضور غيره، وتكون العقوبة الغرامة 5000 درهم إذا وقع القذف أو السب في مواجهة المجني عليه، وفي غير حضور أحد أو في رسالة بعث بها إليه بأي وسيلة كانت».

الزواج علاقة يجب أن تبنى على المودة والاحترام، وحين يضطر الطرفان إلى إنهاء هذه العلاقة يجب أن يفعلا ذلك بتحضر ورقي، لأن من لا تهذبه أخلاقه يردعه القانون.

*محكم ومستشار قانوني

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

تويتر