روبوت متمرد!

محمد نجيب*

سجلت كاميرات المراقبة في إحدى صالات العرض بمقاطعة شنغهاي الصينية واقعة مذهلة أثارت جدلاً واسعاً، وهي تمرد روبوت وتحريضه زملاءه على ترك وظائفهم والمغادرة، وقادهم بنفسه للخروج من الصالة.

الكاميرات سجلت الواقعة التي تداولتها وسائل إعلام أجنبية، وأفاد البعض بأنها عبارة عن مشهد تمثيلي، فيما نقل عن الشركة المصنعة لتلك الروبوتات أنها اختطفت بفعل تآمري من الروبوت المتمرد.

وبغض النظر عن صحة الواقعة من عدمه، فإن كثيراً من العلماء يتوقعون قدوم هذه اللحظة، ومن ثم يثار جدل معقد حول الشخصية القانونية للذكاء الاصطناعي، وما إذا كان يفترض أن يعامل كالإنسان خصوصاً في ظل تطور الروبوت، أم يماثل الشخصية الاعتبارية للشركات، وهل يجب منحه حقوقاً وواجبات مشابهة لتلك الممنوحة للأفراد والمؤسسات، أم أننا أمام كيان مستقل يتحتم أن يحظى بشخصية قانونية مختلفة؟

الجدل المتعلق بهذه المسألة تضاعف بعد صدور توصية من البرلمان الأوروبي في عام 2017 بالاعتراف مستقبلاً بشخصية قانونية إلكترونية خاصة للروبوتات، بشرط أن تكون قادرة على اتخاذ قرار مستقل، والتفاعل مع الغير بإرادة ذاتية.

ويبدو لمن يقرأ التوصية التي وجهها البرلمان إلى المفوضية الأوروبية صعوبة تحقيقها في الواقع، لكن مما لا شك فيه أننا مقبلون على عصر سوف تستقل فيه الآلات بقراراتها، فإرهاصاته بدأت منذ سنوات، في ظل قدرة الروبوتات على التعلم الذاتي والتفاعل بشكل مذهل مع البشر، وغيرها من الآلات.

ما سبق دفع القانونيين إلى محاولة الإجابة على سؤال مهم، يتعلق بتحديد المسؤولية الجنائية لأنظمة الذكاء الاصطناعي والروبوتات، وانتهوا إلى تصورات، أولها الذكاء الاصطناعي المبرمج عمداً لارتكاب جرائم مثل الطائرات بدون طيار والروبوتات العسكرية، وهنا تذهب المسؤولية إلى المتحكم فيها.

والتصور الثاني الأنظمة أو الروبوتات التي ترتكب سلوكيات إجرامية نتيجة خلل في التشغيل، وهي من أكثر الحالات شيوعاً، وهنا يتحمل المبرمج أو المؤسسة المصنعة أو المعنية بالصيانة التبعات القانونية.

وهناك تصور ثالث يخيف كثيرين، يتعلق بالأنظمة التي تطور سلوكاً إجرامياً ذاتياً، مثل انتهاك الخصوصية أو الاختراق والتشهير، وهنا ندخل في جدل لم يحسم حتى الآن، وتحرص دولة الإمارات على أن تكون سباقة في سن تشريعاتها الخاصة به.

*محكم ومستشار قانوني

 

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

 

تويتر