الهوية الوطنية في عصر العولمة
في عالم يتسارع فيه الإيقاع، وتتداخل الثقافات بفعل العولمة، تواجه الهوية الوطنية تحديات كبيرة. العولمة، بما تقدمه من فرص للاطلاع على ثقافات متنوعة وتبادل الأفكار والتجارب، قد تصبح سيفاً ذا حدين، فهي توسع آفاق الأفراد، وتثري معارفهم، لكنها قد تشكل تهديداً للخصوصيات الثقافية والهوية الوطنية، إذا لم يتم التعامل معها بوعي وحكمة.
الإمارات قدمت نموذجاً فريداً في كيفية الحفاظ على الهوية الوطنية وسط العولمة، فمنذ تأسيس الاتحاد، اعتمدت القيادة الإماراتية رؤية استثنائية، تجمع بين الانفتاح على العالم والاعتزاز بالهوية، وقد انعكس ذلك في كل جوانب الحياة.
الهوية الإماراتية ليست مجرد رموز، بل روح تنبض بعادات وتقاليد المجتمع، وملامح نهجه الحضاري.. التمسك باللغة العربية، وتعزيز التراث المحلي، والاحتفاء بالمناسبات الوطنية، كلها أمثلة على كيفية تمسك الإمارات بجذورها، ومع ذلك، لم تمنع هذه الهوية الدولة من أن تصبح واحدة من أكثر البلدان تنوعاً ثقافياً في العالم، حيث يعيش على أرضها أكثر من 200 جنسية في سلام وانسجام.
في مواجهة تحديات العولمة، اعتمدت الإمارات نهجاً متوازناً، فمن جهة، تم تطوير برامج ومبادرات لتعزيز الهوية الوطنية، مثل «البيت متوحد» و«عام التسامح»، التي تؤكد أهمية القيم الإماراتية الأصيلة في تعزيز الوحدة الوطنية والانتماء. وأيضاً شجعت الدولة التبادل الثقافي والتفاعل الإيجابي مع العالم الخارجي، ما جعلها نموذجاً يُحتذى في تحقيق التوازن بين الخصوصية والانفتاح.
القيادة الرشيدة بالإمارات أدركت أن الحفاظ على الهوية الوطنية يبدأ من الشباب، لذلك، تم تضمين موضوعات الهوية الوطنية والتربية الأخلاقية بالمناهج الدراسية، وأُطلقت مبادرات تُعنى بربط الأجيال الجديدة بتراثهم وثقافتهم.
الحفاظ على الهوية الوطنية الإماراتية بعصر العولمة يمثل درساً مهماً لبقية الدول، فهو يثبت أن التمسك بالجذور لا يعني الانغلاق، بل يمكن أن يكون مصدر قوة وشعور بالفخر، خصوصاً في عالم يبحث عن نماذج ملهمة لتحقيق التوازن بين الخصوصية والانفتاح.
وبالنهاية، الهوية الوطنية الإماراتية ليست مجرد ماضٍ يُحتفى به، بل حاضر حي ومستقبل مشرق وانعكاس لروح الاتحاد، ورؤية قيادته، وطموح شعبه.
ahmad.amiri1@outlook.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه