عن الأمثال العربية والإنجليزية

د. كمال عبدالملك

في كل مرة نلتقي بهذا الزميل كان دائماً يستشهد بمثل عربي لدعم ادعاءاته. قال مرة «على رأي المثل.. إبن الوز عوّام»، وسأل متحدياً إن كان في الإنجليزية مثلاً يضاهيه أو أعمق منه حكمة وبلاغة. ردت زميلتنا أستاذة الأدب الإنجليزي: «Like father like son» فقال: «مثل باهت بالمقارنة».

الأمثال العربية والإنجليزية غنية بالحكمة، ومع ذلك، هناك اختلافات واضحة بينها من حيث المحتوى والغرض والشكل.

الأمثال العربية غالباً ما تعكس القيم التقليدية، مثل الضيافة والشرف واحترام الكبار وأهمية المجتمع وتتطرق إلى موضوعات دينية وفلسفية، مثل الصبر والتواضع والحياة الزائلة، فالمثل القائل «الصبر مفتاح الفرج» يبرز قيمة تحمل المشاق بالصبر لتحقيق النجاح في النهاية.

في المقابل، تركز الأمثال الإنجليزية، خصوصاً تلك التي تنتمي إلى التقاليد الغربية، على الفردانية، والحكمة العملية، والمسؤولية الشخصية، وتعكس القيم المرتبطة بالكفاءة والاعتماد على الذات، خصوصاً في ظل المجتمعات الغربية الصناعية والعصر التنويري. مثال على ذلك مثل «A bird in the hand is worth two in the bush»، الذي يعبر عن فكرة قيمة ما لديك بدلاً من ملاحقة الاحتمالات الغامضة.

من حيث الغرض تعمل الأمثال العربية غالباً كدليل للسلوك الصحيح وتعزز القيم الاجتماعية والأخلاقية، مُركزة على رفاهية الجماعة وواجبات العائلة أكثر من نجاح الفرد أو مصلحته الشخصية. مثل «الجار قبل الدار» الذي يُبرز أهمية العلاقات الطيبة مع الجيران. أما الأمثال الإنجليزية فتركز على النصائح العملية والحذر، مشجعة على اتخاذ القرارات الفردية والتخطيط المسبق. كما تبرز مسؤولية الفرد ونتائج أفعاله، مثل «Actions speak louder than words»، (ومعناه: الأفعال أبلغ من الأقوال) الذي يشجع الأفراد على أن تكون أفعالهم مطابقة لأقوالهم.

أمّا من حيث الشكل فنجد أنّ الأمثال العربية تتسم عادة بالطابع الشعري والإيقاعي، وغالباً ما تستخدم القافية والتوازي لتأكيد المعنى، مثل «مَنْ جدّ وجَد ومَنْ زرَع حَصَد» الذي يعبّر عن فكرة أن العمل الجاد يؤدي إلى النجاح. أما الأمثال الإنجليزية فتكون أكثر مباشرة واختصاراً، وغالباً ما تستخدم التعابير الاصطلاحية، مثل «Don’t count your chickens before they hatch»، (ومعناه: لا تبدأ بعدّ الكتاكيت قبل أن يفقس البيض)، الذي يحذر من الافتراض المبكر للنجاح.

وعلى الرغم من هذه الفروق، تبقى الأمثال في كلتا الثقافتين وسيلة فعّالة لنقل الحكمة وفهم القِيَم الاجتماعية.

* باحث زائر في جامعة هارفارد

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

تويتر
log/pix