الحوكمة مفتاح النجاح المؤسسي

محمد سالم آل علي

لقد أضحى مفهوم الحوكمة، مصطلحاً مألوفاً لدى العديد من الناس، حيث يرونه إجراء إدارياً يهدف إلى تنظيم العلاقات داخل المؤسسات. إلا أن الواقع يخبرنا بأن الحوكمة باتت تتجاوز هذا التعريف التقليدي، لأنها اليوم منظومة متكاملة الأركان تعكس نجاح الإدارة وتعزز الأداء، إضافة إلى كونها الركيزة الأساسية لتحقيق الاستدامة. وبالانتقال نحو التطبيق، يمكن القول إن الحوكمة تشمل الأطر والسياسات التي تُنظم العلاقة بين جميع الأطراف، مثل مجلس الإدارة والموظفين، إلى جانب المساهمين في حالة القطاع الخاص. وللتبسيط، تخيلوا معي مجموعة من العوامل التي تقود فريقاً للفوز، مثل صلاحيات المدرب وأدوار اللاعبين، إضافة إلى العنصر الأهم وهو الأنظمة الموضوعة للتقييم وتحديد المسؤولين عن الفشل، بما في ذلك المكافآت والعقوبات. ومن هذا المنطلق يمكن القول إن الحوكمة، وحتى تنجح، لابد لها من الارتكاز على معايير، أولها الشفافية، وتعني عرض المعلومات والقرارات بشكل واضح، ما يسهم في بناء الثقة وتعزيز المصداقية، أما ثاني المعايير فهو المساءلة، أي تحديد المسؤوليات ومحاسبة المسؤولين، كل حسب موقعه، من دون تحيز أو محاباة، فالجميع، يفهمون أدوارهم ويدركون عواقب أفعالهم، ما يقودنا ببساطة إلى المعيارين الثالث والرابع، وهما العدالة والمسؤولية؛ فالعدالة تعني تكافؤ الفرص ومعاملة الجميع على قدم المساواة، أما المسؤولية فهي العمل بنزاهة تراعي أهداف المؤسسة وتطلعاتها. ويبقى السؤال عن الفرق في التطبيق بين القطاعين العام والخاص. وسأبدأ بالقطاع العام الذي يتميّز بوجود أقوى مستويات الحوكمة الهادفة إلى المصلحة العامة، كتحسين الخدمات والقضاء على الهدر والفساد، وتكافؤ الفرص وتعزيز ثقة المجتمع؛ من ناحية أخرى تعمل الحوكمة في القطاع الخاص على تعزيز الأداء وجذب المستثمرين وتحقيق الربحية. أي قد تختلف أهداف الحوكمة قليلاً، لكن مبادئها تظل ثابتة.

وفي الختام، ستبقى الحوكمة حجر الزاوية للنجاح المؤسسي والتميّز المستدام، وسيظل الاستثمار فيها استثماراً حقيقياً في مستقبل المؤسسات والمجتمعات.

*مؤسس سهيل للحلول الذكية

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

تويتر