احتضان الغرابة في سرديات ليلى العلمي

د. كمال عبدالملك

ذات صباح، استفاقت الكاتبة المغربية - الأميركية، ليلى العلمي، على إشعار غريب على هاتفها: «إذا غادرتِ منزلك توّاً، يمكنك الوصول إلى صالة (يوغا وركس) في الساعة السابعة والنصف صباحاً»، لكنها لم تلبِّ الدعوة، بل قضت يومها في التأمل حول قدرة التكنولوجيا على التعبير عن أفكار ونوايا البشر.

ليلى العلمي، صاحبة الروايات الشهيرة مثل «حساب المور» (2014) و«الأميركيون الآخرون» (2019)، تعدّ نفسها «ضيفاً» على اللغة الإنجليزية، رغم أنها قد كتبت بها العديد من الأعمال الأدبية. نشأت في المغرب بعد الاستقلال، حيث تعلمت العربية والفرنسية، لكن سرعان ما شعرت بالاستياء من تأثير التعليم الفرنسي في علاقتها باللغة العربية، ما دفعها إلى التوجه إلى الإنجليزية رغم معاناتها شعور بالغربة داخل هذه اللغة الثالثة.

في مقابلة مع مجلة «هارفارد غازيت» تقول العلمي: «شعرت بأن الكتابة بالفرنسية تحمل طابعاً استعمارياً لا أستطيع الانفصال عنه». وتضيف أنها حينما كتبت باللغة الإنجليزية، حولت هذا الاغتراب إلى أداة إبداعية، حيث تتخيل حوارات شخصياتها بالعربية ثم تترجمها إلى الإنجليزية، مثلاً في «الابن السري» (2009). وتعلِّق العلمي على هذا بقولها: «إذا كانت القصة ناجحة، ننسى (كقراء) التفكير في اللغة التي تتحدث بها الشخصيات».

تعتمد العلمي في سرد رواياتها على أسلوب غير تقليدي، يبدأ أحياناً من منتصف الحكاية مع تعدد وجهات النظر. وقد اكتشفت هذا الأسلوب في روايتها الأولى «الأمل وأبحاث خطرة أخرى» (2005).

ليلى العلمي، التي تشعر دائماً بأنها «غريبة»، ترى أن هذا الشعور بالاغتراب هو ما يشكل جوهر كتابتها.

وترى العلمي أن جميع تجارب الحياة يمكن أن تصبح مادة للأدب، من خلال ما تراه من منظور «الغريب» الذي لا يتبع القوالب التقليدية. وفي جلسة نقاش مع طلابها، أكدت أهمية هذا الشعور بالغربة: «احتضن تلك الغرابة، لأنها هي ما يأتي منها الإبداع».

* باحث زائر في جامعة هارفارد

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

تويتر