انتبهوا!

محمد نجيب*

قضية مهمة شهدتها إحدى الدول العربية بطلتها ابنة فنانة شهيرة، طفلة في الثانية عشرة من عمرها تعرضت للابتزاز من قبل شاب غرر بها وأقنعها بإرسال صور مخلة إليه، ثم هددها عندما علم هوية أمها، وعاقبته المحكمة بالحبس ثلاث سنوات.

الفتاة الصغيرة مرت بضغوط هائلة، وفكرت في الانتحار، ولولا وجودها في مدرسة جيدة لما انتبهت إدارتها إلى معاناتها، وكان من الوارد أن تقتل نفسها، مثل مئات من أقرانها حول العالم من ضحايا هذه الجريمة التي تستهدف الأطفال من قبل مختلين مضطربين نفسياً وسلوكياً.

مجلس الأمن السيبراني لدولة الإمارات كشف أخيراً عن تعرض نحو 19% من أطفالنا لتهديدات رقمية، مبيناً أن المجرمين السيبرانيين يطلقون ما يزيد على 411 ملفاً خبيثاً يومياً.

من خلال عملي أدرك جيداً أن التهديدات التي تمس الأطفال واقعية وخطيرة، خصوصاً التنمر والاستدراج والابتزاز الإلكتروني، وهناك اهتمام عالمي بمكافحة هذا النوع من الجرائم، وتم تشكيل فريق دولي - شرطة دبي عضو فيه - لتتبع وملاحقة مستهدفي الأطفال في أي مكان.

الدولة لا تتهاون إطلاقاً تجاه أي جرائم تمس الأطفال، وهناك متخصصون على أعلى مستوى لمكافحتها، كما أن هناك مظلة تشريعية رادعة لكل من يفكر في استهدافهم حتى لو كان من خلال إرسال مقاطع مخلة لهم، أو تبادلها معهم، فتنص المادة 35 من قانون مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية على أنه «يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين والغرامة التي لا تقل عن 250 ألف درهم ولا تزيد على مليون درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من قام بتحريض أو إغواء أو مساعدة طفل على بث أو إعداد أو إرسال مواد إباحية باستخدام شبكة معلوماتية أو إحدى وسائل تقنية المعلومات.

فضلاً عن عقوبات أخرى مشددة لحيازة مواد إباحية لأطفال، والاستدراج والابتزاز.

وعلى الرغم من ذلك، وبحسب خبراء مكافحة هذه الجرائم والاختصاصيين النفسيين والاجتماعيين، لا يمكن أن تتولى الدولة بمفردها مسؤولية الحماية، إذ إن خط الدفاع الأول يبدأ من الأسرة، ولا يمكن أن يقع طفل في هذا الفخ لو كان يحظى برعاية ورقابة ذكية من أب أو أم يتمتعان بالوعي اللازم لإدراك أن الهاتف الذكي أو الكمبيوتر اللوحي أو الألعاب الإلكترونية ربما تكون ثغرة يتسلل منها الشيطان.

*محكم ومستشار قانوني

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

تويتر