عام المجتمع

د. أحمد بن عبدالعزيز الحداد

ما أجمل هذا التخصيص لعام 2025 الذي أطلقه سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، ليكون عام المجتمع، تحت شعار «يداً بيد».

إن المجتمع المتماسك هو الذي يعيش وكأنه يد واحدة في تعاضده وتعاونه وترابطه، وهو الأمر الذي وصف به النبي صلى الله عليه وسلم هذه الأمة المحمدية المرحومة بقوله: «مثل المؤمنين في توادِّهم، وتراحمهم، وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى»، فدل على أن معيار المجتمع الواحد هو التوادّ والتراحم والتعاطف، لأن التواد يولّد العطاء والإيثار، وهذا سبب لدخول الجنة، كما قال عليه الصلاة والسلام: «لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا». والتراحم يورث الشعور بالمسؤولية فيُرحَم الصغير والفقير والكبير وذو الحاجة، ويحصل بذلك التكافل الاجتماعي. والتعاطف يعني: الإحساس بالآخر، فيعيش المرء مع أخيه في السراء والضراء، ولا يبخل عليه بجاه ولا مال.

وهكذا كانت المجتمعات المسلمة، فكان كل مجتمع يشكّل أسرة واحدة، فعمّت السعادة بينهم، على ما كانوا عليه من القِلة العددية والمادية، فلما اتسعت الحضارة والبنيان، وكثرت المادة لدى كثير من الناس كاد يفقد هذا المعنى المجتمعي الراقي، بل قد فُقد في بلدان كثيرة.

وها هي القيادة الرشيدة، حفظها الله تعالى، تأخذ بيد الأمة لتعود إلى البناء المجتمعي الذي عبّر عنه رئيس الدولة، حفظه الله، بقوله: «نعمل فيه يداً بيد لتعزيز الروابط في مجتمعنا وأسرنا، وترسيخ المسؤولية المشتركة في بناء وطننا، وإطلاق الإمكانات والمواهب». هكذا يريد ولي الأمر وفّقه الله لشعبه وأمته، لأنه يراهم عياله، ولا ريب فهو رب هذه الأسرة الإماراتية التي يريد لها كل خير، وقد كان يعبر عن ذلك بقوله: «البيت متوحد» إشارة إلى أن الشعب الإماراتي بيت واحد، وهو راعيه وحاميه الذي يسهر على مصالحه، ويسعى إلى تحقيق تطلعاته الحالية والمستقبلية.

وبهذا المعنى أفاد سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، حيث قال عن سبب جعل هذا العام عام المجتمع، إن ذلك «لترسيخ تماسك المجتمع وتعزيز أواصره كالبنيان يشدّ بعضه بعضاً، وإن المجتمع يقوى بالأسرة، والأسرة تَقوى بالوعي، والوعي يُقوِّي الوطن، وتترسخ المسيرة لبناء المستقبل الأفضل للأجيال».

وهذا لعمرو الحق يعد خصوصية إماراتية لا يوجد لها نظير بين القيادات في عالم اليوم.

إن هذا التوجه القيادي يحتمّ على الشعب تطبيقه في واقعه حتى ينال السعادة المرجوّة.

*كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء في دبي

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

تويتر
log/pix