حوار خيالي بين مَي زيادة وفيرجينيا وولف
■ «من ظريف النكات في الثناء على المرأة الذكية قولهم «إنها تجاري الرجال»، ولماذا لا تكون مجارية نفسها التي تكشفتها كل يوم؟». مي زيادة (1886 - 1941)
■ «اغلقوا مكتباتكم إن شئتم، لكن لا يوجد باب، ولا قفل، ولا مزلاج يمكنكم أن تضعوه على حرية عقلي». فيرجينيا وولف (1882 - 1941)
مَي زيادة: أهلاً بكِ، فيرجينيا.. نحن كنساء في مجتمعات تهيمن عليها الأنظمة الأبوية نواجه تحديات مشابهة، لكن في سياقات ثقافية مختلفة، في كتابي «كلمات وإشارات»، أدعو النساء في العالم العربي للتغلب على القيود الاجتماعية والاستعمارية، كيف كانت تجربتكِ في بريطانيا حين قررتِ الكتابة بحرية؟
فيرجينيا وولف: أهلاً بكِ، في بريطانيا، كان من الصعب عليَّ أن أجد مساحتي الخاصة للتفكير بحرية، كتبتُ «غرفة خاصة بها» لأوضح أن المرأة لا يمكنها الكتابة بحرية إلا إذا امتلكت المال والحرية النفسية، لم يكن الأمر مقتصراً على المال فقط، بل على كسر القيود التي فرضها المجتمع الأبوي.
مَي زيادة: في العالم العربي، حيث عشتُ تحت وطأة الاستعمار العثماني، ثم الفرنسي، كنت أجد نفسي في موقف مزدوج، كان من الصعب أن أكون صوتاً نسوياً، لم أرفض التقاليد كلياً، بل سعيت لتحديثها بما يخدم حقوق المرأة، هل شعرتِ، في سياقكِ، بأن التقاليد كانت تظلمكِ؟
فيرجينيا وولف: نعم، كانت التقاليد تظلمني، كان من غير اللائق أن تكون المرأة كاتبة أو أن تشارك في الحياة الفكرية. رغم ذلك، كانت الكتابة بالنسبة لي وسيلة للتحرر. الاكتئاب كان جزءاً من حياتي، خاصة في الأوقات التي شعرت فيها بعدم القدرة على الهروب من تلك القيود. هل شعرتِ بالعزلة أيضاً؟
مَي زيادة: بالطبع. كنت أكتب في ظل استعمارٍ، وفي ظل تقاليد كانت تحد من مشاركتي الفكرية، لكن في داخل ذلك الظلام، كنت أكتشف جمال الكتابة والشعر. كيف كنتِ تتعاملين مع الاكتئاب؟
فيرجينيا وولف: الكتابة كانت ملاذي، كنت أحتاج إلى مكان حقيقي للتفكير. فكرتكِ في «كلمات وإشارات» حول تمكين النساء تتطابق مع ما أدافع عنه: أن يكون للمرأة مكان خاص للتفكير. هل تعتقدين أن هذا الفضاء الفكري كان متاحاً للنساء في وقتكِ؟
مَي زيادة: للأسف، لم يكن هذا الفضاء متاحاً بسهولة، ولكن الكتابة كانت بداية الطريق نحو تحرير الفكر وفتح المجال للنساء للمشاركة في النقاشات العامة.
* باحث زائر في جامعة هارفارد
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه