الأفكار الذهبية
تقول إحدى سيدات الأعمال الناجحات: «قبل عقدين من الزمن تعرضت لأزمة صحية استدعت بقائي تحت المراقبة الدقيقة نحو أسبوع كامل، وكنت وقتها في بداية الثلاثينات، أدير شركة تجارة ومواد غذائية، مثل العديد من التجار في ذلك الوقت بدولة الإمارات، حيث السائد: إما محال ملابس وعطور، أو تجارة أغذية أوعقارات».
عند مغادرتي المشفى، صادفتُ خروج عمال النظافة بكميات كبيرة من النفايات الطبية، فسألت بفضول: إلى أين يتم أخذ هذه النفايات؟ فقال أحدهم: لا أعلم، لكن غالباً يتم حرقها.
بعد أسبوع، عرضت الأمر على أحد مديري المستشفيات الكبيرة في أبوظبي، بغرض معرفة مصير هذه النفايات، فقال بعد حديث طويل، إن القطاع الطبي يحتاج إلى مصانع تدوير نفايات طبية بقوة، فالتقط الفكرة، وخلال عام كان لديّ أكبر مصنع لتدوير النفايات الطبية في أبوظبي.
تكمل سيدة الأعمال: «حالياً، التنافس قوي والسوق مفتوحة، ولم تعد المشروعات التقليدية رابحة لكثرتها، لذا فإن أي مشروع ناجح لابد أن يكون مختلفاً، وهذا ما حدث مع الكثيرين من رواد الأعمال الذين درسوا السوق جيداً، وبحثوا عما ينقصها».
لاشك في أن سوق التجارة والأعمال في الإمارات تطورت كثيراً، وشهدت قفزات واسعة خلال 20 عاماً الماضية، خصوصاً في تطبيقات التجارة الإلكترونية والذكاء الاصطناعي، وحقق أصحاب هذه المشروعات أرباحاً غير مسبوقة، وتوسعوا خارج دولة الإمارات في الأسواق المجاورة، ومايزال السباق على أشدّه، والمجال مفتوح للمبدعين والمبتكرين بتسهيل الإجراءات ومنح التمويل.
ما يميز السوق في الإمارات، هو تنوع القطاعات التي تحتاج إلى مزيد من المشروعات مثل خدمات الذكاء الاصطناعي للأعمال، وأتمتة العمليات التجارية، وتحسين تجربة العملاء، وخدمات الأمن السيبراني، والسياحة الذكية، والتخييم الفاخر، فضلاً عن مجالات الاستدامة، والطاقة الخضراء، والمنتجات الصديقة للبيئة التي أسست فيها الإمارات بنية قوية، وتبنّتها نهجاً حكومياً رسمياً، فضلاً عما تحتاجه قطاعات التعليم، والصحة، والتكنولوجيا المالية، وغيرها الكثير، مما تتبنّاه الاستراتيجيات المعلنة، وتعمل على تعزيزه الدوائر الاقتصادية في كل الإمارات.
وكما تفتح دولة الإمارات ذراعيها لذوي المواهب والمبدعين، وتمنحهم إقامتها الذهبية، فإنها تقف بكل إمكاناتها ودعمها خلف أصحاب الأفكار الذهبية التي تسهم في إعادة صياغة شكل الاقتصاد ليواكب العصر، ويليق بما تطمح إليه من تطور ورفاهية.
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه