«الشاب يسوي اللي يبي»
تتردد عبارات مثل: «دع الشاب يجرب كل شيء»، أو «الشاب لازم يعيش حياته»، وكأنها دعوات مفتوحة للمغامرة دون حساب للعواقب. ورغم أن التجربة جزء مهم من التعلم وتطوير الذات، إلا أن ترك الشباب يخوضونها بلا توجيه قد يؤدي إلى نتائج كارثية، لا تؤثر عليهم فقط، بل تمتد إلى أسرهم ومجتمعهم.
فكرة أن «الشاب يسوي اللي يبي» قد تبدو شعاراً للحرية والانطلاق، لكنها تفتح الباب أمام قرارات عشوائية وغير محسوبة. كثير من الشباب يبدأ مغامراته بحماسة وشغف، ليكتشف لاحقاً أن قراراً متهوراً واحداً قد يغير مجرى حياته بالكامل، والأسوأ من ذلك أن عواقب هذه القرارات لا تصيبه وحده، بل تطال أسرته أيضاً، فكم من عائلة فقدت أحد أبنائها أو عاشت معاناة طويلة بسبب قرار خاطئ اتخذه فرد منها في لحظة اندفاع.
وسائل التواصل الاجتماعي أسهمت بشكل كبير في تعزيز هذه الظاهرة، حيث يُروّج لمغامرات خطرة على أنها إنجازات ملهمة أو أفعال جريئة تُكسب الشهرة. هذه المشاهد تحفز شباباً آخرين على تقليدها، دون إدراك كامل للمخاطر التي قد تواجههم.
لكن الحل لا يكمن في تقييد حرية الشباب أو فرض قيود صارمة، بل في توجيههم نحو تجارب بنّاءة، تضيف قيمة لحياتهم. الحوار المفتوح داخل الأسرة يلعب دوراً محورياً في هذا السياق، حيث يمكن للأهل توجيه أبنائهم بطريقة ذكية، توازن بين حرية الاختيار وتحمل المسؤولية، كما أن للمجتمع دوراً مهماً من خلال توفير برامج وأنشطة تُشبع رغبة الشباب في خوض المغامرات، لكن ضمن بيئة آمنة وهادفة.
الحرية الحقيقية لا تعني أن يفعل الشاب كل ما يريد دون تفكير، بل تعني أن يمتلك القدرة على اتخاذ قرارات مسؤولة ومدروسة، فالحياة مليئة بالفرص والتجارب، وبعضها يحمل قيمة عظيمة، بينما يحمل البعض الآخر مخاطر جسيمة قد يصعب تصحيح آثارها لاحقاً. على الشباب أن يدركوا أن اختياراتهم اليوم تشكل مستقبلهم، وعلى الأسر والمجتمع أن يكونوا عوناً لهم في اتخاذ قرارات صائبة.
المغامرة ليست عيباً، لكنها تصبح خطراً عندما تكون بلا وعي أو تقدير للعواقب. توجيه طاقة الشباب نحو ما ينفع ويُثري حياتهم هو مسؤولية مشتركة بين الأسرة والمجتمع لضمان مستقبل أكثر وعياً واستقراراً، فبهذه الطريقة يمكن للشباب أن يعيشوا تجاربهم بحرية، لكن مع نضج وحكمة يجعلان من كل تجربة خطوة نحو الأفضل.
*محامٍ وكاتب إعلامي
twitter.com/dryalsharif
www.ysalc.ae
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه