«الماركات»

أمل المنشاوي

مراسل إحدى الوكالات الأجنبية المعروفة يقول في نقاش قبل بداية مؤتمر صحافي: «لقد تغيّر سلوك السكان كثيراً في دولة الإمارات خلال آخر 10 سنوات، وأصبح هناك حرص كبير على إنفاق كل درهم في مكانه الصحيح إلى حد كبير، خصوصاً في أوساط الشباب، مقارنة بما كان عليه الحال سابقاً».
سألته: «هل هذا سلبي أم إيجابي من وجهة نظرك»؟ فأجاب: «اقتصادياً أمر سلبي في بلد غني يقوم على حركة التجارة، ويضم فروعاً للعلامات التجارية العالمية، ويعد مركزاً مهماً للسياحة والتسوق، ومقصداً للأثرياء من كل بقاع الأرض».
فسألته مجدداً: «إذا اخترنا أي بلد منافس للإمارات في العالم كسوق للعلامات التجارية الفارهة ويسكنه المشاهير من مختلف الجنسيات، كيف يتسوق أهل هذا البلد ويتعاملون مالياً، أليس وفق ثقافتهم التي اعتادوا عليها، فأجاب نعم».
مثل هذه التساؤلات كثيراً ما نجدها، خصوصاً ممن لم يعرف حجم التطور والوعي الذي حدث خلال 20 عاماً الماضية في مجتمع الإمارات، لاسيما على مستوى الإنفاق الرشيد والبعد عن المبالغة، نتيجة حملات التوعية المالية التي صححت الكثير من السلوكيات والمفاهيم، خصوصاً لدى الشباب، فقلما نجد الآن شاباً يقترض ليشتري ساعة ثمينة، أو أن تأخذ فتاة بطاقة ائتمان لتشتري حقيبة من «ماركة» فارهة، كما أن الميل للادخار والاستثمار والتخطيط المالي بات واضحاً، نتيجة تعزيز هذه الثقافة بين أفراد المجتمع.
نعم الإمارات دولة غنية، لكن سياستها المالية رشيدة تسعى إلى تحقيق التوازن بين الاستثمارات الكبيرة، والحفاظ على الاستدامة المالية، وخلال عقدين من الزمن ركزت الجهات الحكومية والشركات على هذا التوجه، ونجحت في نقله للأفراد.
نعم الإمارات سوق لكبرى الشركات والعلامات التجارية الفارهة التي تخدم السياحة والسفر والترفيه، لكن هذا جزء من تنويع القطاعات الاقتصادية والخدمات التي تقدّم لمن يرغب فيها، سواء من السكان أو من الزائرين.
أهم ما نجحت فيه الإمارات، على مدار السنوات الماضية، هو خلق سوق متنوعة مفتوحة، وترسيخ الوعي بأهمية استدامة النعم والحفاظ على الموارد، ومشاركة الخير والبعد عن التبذير، والتكاتف المجتمعي والإنساني داخلياً وخارجياً، انتصاراً للمبادئ التي أرساها المؤسسون.

amalalmenshawi@

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

تويتر
log/pix