لكل منا «يوسفه»
في عام 2010 لم يكن إنجاز المعاملات بالسهولة التي تتم بها حالياً من خلال هواتفنا ونحن في بيوتنا، كان الأمر يتطلب زيارة مقر الجهة الخدمية، وانتظار «الدور»، وتقديم الأوراق يدوياً. في ذلك العام، كانت لي تجربة لن أنساها في الإدارة العامة للإقامة وشؤون الأجانب في دبي، حيث حضرت من أبوظبي في وقت متأخر، وأمامي عدد لا يقل عن 30 سيدة وفتاة، يجلسن في المكان المخصص للسيدات. وقتها تصورت أنني لن أنتهي قبل ثلاث ساعات على الأقل، بعد دقائق حضرت موظفة عشرينية، بابتسامة بشوشة تتفقد حاجة كل منا، وتتأكد من وجود كامل الأوراق والمستندات المطلوبة قبل الجلوس أمام «الكاونترات» لإنجاز المعاملة، ورأيت سرعة وتتابعاً لأرقام الجالسات لأخذ دورهن لم أرها من قبل. تشجعت، وأخبرتها بأنني قادمة من أبوظبي حيث أقيم، وعليّ أن أعود بأقصى سرعة، فلدي أطفال صغار.
قالت: «مقضية إن شاء الله»، وأخذتني إلى «كاونتر» مخصص للحالات الطارئة والسيدات كبيرات السن، وخلال أقل من خمس دقائق أنجزت المعاملة وخرجت. وعلى مدار أعوام لاحقة كنت أحكي هذه القصة بامتنان كبير لخدمة الناس هنا في الإمارات، وتسهيل حياتهم ومعاملتهم المحترمة، حتى توافر أكثر من 95% من الخدمات على الهواتف الذكية، وفي وقت قياسي لا يتجاوز ثلاث دقائق، فأدركت ألا سقف لطموح وتطور هذا البلد، وأن على أي موظف يريد التميز أن يتعلم كيف يركض في هذا السباق.
نعم، مازالت هناك جهات خدمية تستدعي الحضور الشخصي، مثل المستشفيات، ومراكز الفحص الطبي لإنجاز الإقامة، والفحص الفني للمركبات قبل تأمينها، وغيرها، ومع ذلك تحظى هذه الخدمات الحضورية بأقصى درجات الجودة والسرعة لضمان راحة الناس ورضاهم.
النموذج الجميل للموظف يوسف محمد عبدالله، الذي احتفت به الإمارات كلها، بعد إشادة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، لاجتهاده وبشاشته ومبادرته لخدمة الناس، نموذج متكرر وكثير، وكل منا لابد أن يكون قابل مثله خلال إنجاز معاملة أو مراجعة مشفى أو زيارة أي جهة خدمية. بيئة العمل وقوانين الانضباط، والأداء الذي يُقاس ويُقيّم كل عام وفق رضا المتعاملين وراحتهم في التعامل مع الجهات الحكومية هو ما يصنع لكل منا «يوسفه»، ويغرس في النفوس امتناناً وسعادة، ويخلق بلا منازع سمعة الإمارات ومكانتها التي تحتل بها، للعام الثالث على التولي، الوجهة الأولى عالمياً المفضلة للعمل والإقامة.
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه