صعوبات التعلم.. رحلة الفهم والصبر

الدكتور أشرف مصطفى

صعوبات التعلم هي رحلة تتطلب الصبر والفهم من جميع الأطراف، فالطفل من ذوي صعوبات التعلم يحتاج إلى دعم عاطفي وتعليمي لمساعدته في التغلب على التحديات التي يواجهها، والوالدان بحاجة إلى أن يكونا مصدراً للثقة والتشجيع، بينما المدرسة بحاجة إلى توفير البيئة المناسبة للتعلم. مع الوقت والجهد، يمكن للطفل أن يتعلم، ليس فقط كيفية التعامل مع صعوباته، بل أيضاً كيفية تحويلها إلى نقاط قوة، فصعوبات التعلم ليست نهاية الطريق، بل هي بداية لفهم أعمق لذات الطفل وقدراته الفريدة.

وتعد صعوبات التعلم تحديات غير مرئية قد يواجهها بعض الأطفال، وتؤثر في قدرتهم على اكتساب المهارات الأكاديمية الأساسية، مثل القراءة والكتابة والحساب، فهذه الصعوبات لا تعني أن الطفل أقل ذكاءً من أقرانه، بل هي ببساطة اختلاف في طريقة معالجة الدماغ للمعلومات. معاناة الطفل صعوبات التعلم يمكن أن تكون تجربة مؤلمة له ولأسرته، خصوصاً إذا لم يتم فهمها والتعامل معها بشكل صحيح.

وتتخذ صعوبات التعلم أشكالاً مختلفة، فبعض الأطفال قد يواجهون صعوبة في فهم الكلمات أو التعبير عن أفكارهم كتابياً، وهو ما يعرف بعسر القراءة أو «الديسلكسيا»، وآخرون قد يعانون صعوبة في فهم الأرقام أو حل المسائل الحسابية، وهو ما يسمى بعسر الحساب أو «الديسكالكوليا»، وهناك من يعانون صعوبة في التنسيق بين اليد والعين، ما يؤثر في قدرتهم على الكتابة بشكل واضح، وهو ما يعرف بعسر الكتابة أو «الديسغرافيا».

ولكن الحقيقة، فإن معاناة الطفل صعوبات التعلم لا تقتصر على الجانب الأكاديمي فقط، بل يمكن أن تمتد إلى التأثير النفسي والاجتماعي، فكثيراً ما يشعر الطفل بالإحباط والغضب من نفسه، خصوصاً إذا كان يرى أقرانه يتقدمون بسرعة بينما هو يعاني، وهذا الشعور يمكن أن يؤدي إلى انخفاض الثقة بالنفس، وقد يدفع الطفل إلى تجنب المشاركة في الأنشطة المدرسية خوفاً من الفشل أو السخرية.

وعلى الجانب الآخر، قد يواجه الوالدان تحديات عاطفية أيضاً، كالشعور بالعجز أو الذنب لعدم القدرة على مساعدة الطفل بشكل فوري يمكن أن يكون مرهقاً، إضافة إلى ذلك، قد يواجهان ضغوطاً من المدرسة أو المجتمع، حيث قد يتم تفسير صعوبات التعلم على أنها نتيجة للإهمال أو عدم الاهتمام، وكل هذه العوامل تجعل رحلة التعامل مع صعوبات التعلم أكثر تعقيداً. ومع ذلك، فإن الأمل موجود دائماً، والاكتشاف المبكر لصعوبات التعلم هو الخطوة الأولى نحو مساعدة الطفل.

*جامعة الإمارات العربية المتحدة

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

تويتر
log/pix
مركز الأخبار