المجالس الرمضانية
أتوق كل عام لقدوم شهر رمضان لحضور المجالس الرمضانية، التي أصبحت جزءاً لا يتجزأ من هذا الشهر المبارك.
تلك المجالس التي تتسابق لتعرض الجديد والمفيد، فتكون وجبة فكرية دسمة بعد التراويح، تغذي العقل بعد أن تغذت الروح والجسد، وتحقق استدامة المعرفة.
يصلني يومياً العديد من الدعوات لحضور لقاءات متنوّعة، بعضها يناقش موضوعات طبية، وأخرى تأخذني إلى عوالم الشعر، فيما تفتح المجالس الثقافية أبوابها للنقاشات العميقة حول الأدب والفكر والمجتمع.
إنها لحظات امتزاج العلم بالحوار، حيث تروى الأفكار كما تروى الأرواح بالماء بعد يوم طويل من الصيام، حيث يجتمع الأهل والأصدقاء، ويلتقي الكبير مع الصغير، ويتقاطع التراث بالحاضر، وتنصهر الفروق الاجتماعية.
أحمد الله أن مجتمعنا الإماراتي يقدّس المعرفة، حيث تتحوّل المجالس إلى جلسات حوار وعصف ذهني، يتلاقى فيها المفكرون وصناع القرار مع الشباب الطموح، فتتولد الأفكار الجديدة، وتطرح التساؤلات العميقة التي تقود إلى حلول مبتكرة.
تراجعت اللقاءات الفعلية في ظل وجود وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أن المجالس الرمضانية أعادت إحياء فنون الحوار المباشر، والاستماع الحقيقي، ليعود الإنسان إلى طبيعته الاجتماعية، يتحدث وجهاً لوجه، يناقش، يضحك، يتبادل وجهات النظر، ويتعلم من تجارب الآخرين.
ولا تقتصر مجالسنا الرمضانية على الرجال، بل هناك مجالس نسائية، حيث تتجاذب السيدات أطراف الحديث حول القضايا الاجتماعية، والثقافية، بدءاً من الطهي والمشاريع الصغيرة، وصولاً إلى التنمية المجتمعية وريادة الأعمال، هذه المجالس تعزز دور المرأة في الحياة الاجتماعية، وتوفر لها مساحة للنقاش وتبادل الأفكار.
أكثر ما أتمنّى أن يتحقق، هو أن تتحوّل مخرجات هذه المجالس إلى برامج عمل معرفية، لا تفيد فقط من حضرها، بل تمتد لتشمل الجميع، لتترجم الأفكار المتبادلة إلى مشاريع تثري المجتمع وتسهم في استدامة نهضته.
* مؤسس سهيل للحلول الذكية
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه