الذكاء الاصطناعي طبيباً معالجاً
في مجلة «هارفارد غازيت» بتاريخ 20 مارس، قرأت مقالاً عن آدم رودمان، طالب في سنواته الأولى في كلية الطب، كان يبحث عن معلومة تنقذ مريضاً أرهق الأطباء. استغرقت رحلته ساعتين في دهاليز مكتبة جامعة هارفارد، لكنه اليوم لا يحتاج إلا لـ15 ثانية، بفضل رفيقه الرقمي الجديد: الذكاء الاصطناعي.
اليوم، يحمل رودمان في جيبه مكتبة طبية بأكملها، تطبيق «OpenEvidence»، الذي يقوم بدور الصيدلي الحكيم والطبيب المستشار، يفرز الأبحاث ويستخرج منها جوهرها، تماماً كما يستخرج الغيص اللؤلؤ من كومة الأصداف.
لكن السؤال يظل معلقاً: كيف نستخدم هذه الأداة لإحداث تحوّل حقيقي في الطب؟
الذكاء الاصطناعي في الطب ليس وليد اليوم، لكنه بات الآن أشبه بطبيب خارق يمتلك خبرات آلاف الأطباء في ذاكرته الرقمية. يتوقع الخبراء أن يكون له أثر كاكتشاف الجينوم البشري، فهو قادر على تخفيف الأعباء الإدارية، وتقليل الأخطاء الطبية.
لكن، الذكاء الاصطناعي قد يحمل في طياته تحديات كبيرة، فالبيانات التي تغذيه قد تكون مملوءة بتحيزات البشر، فتصبح قراراته منحازة دون وعي منه، وكأنه مرآة تعكس عيوب المجتمع بدلاً من تصحيحها، والأسوأ من ذلك، قد يقع في فخ «الهلوسة-الفهلوة الرقمية» فينسج حقائق غير موجودة.
في أحد الاختبارات، سأل الخبراء «جي بي تي-4» أن يشخّص حالة نادرة معقدة لطفل حديث الولادة، فجاءت الإجابات وكأنها صادرة عن طبيب متمرّس، رغم أن هذا النموذج لم يُدرَّب طبياً بالأساس. لكن، هل يمكن لهذه التقنية أن تصلح نظاماً صحياً متداعياً؟ في الولايات المتحدة، أصبح من الصعب الحصول على طبيب رعاية أولية إلا إذا كنت تملك المال أو العلاقات. لذا، ربما لا يكون الحل في استبدال الأطباء، بل في تمكينهم بتقنيات تجعلهم أكثر فاعلية.
الطب يقف اليوم عند مفترق طرق: إما أن يعانق الذكاء الاصطناعي ليحلق به نحو مستقبل أكثر كفاءة، أو أن يظل متردداً، فيبقى التغيير مجرد زخرفة على جدران نظام صحي متهالك.
*باحث زائر في جامعة هارفارد
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه