إعادة الهوية الغائبة

يوسف الأحمد

بعد موجة الاستياء والغضب التي سادت الشارع الرياضي بسبب حالة التراجع والتعثر التي مر بها منتخبنا في تصفيات كأس العالم 2026، جاءت إقالة المدرب البرتغالي بينتو، لتنهي فترة عصيبة من الجدل والسخط إزاء تداعيات إدارته الفنية للمنتخب، وتطاير فرصة التأهل المباشر التي قد لا تتكرر مستقبلاً بهذه الطريقة، فعندما تم التعاقد معه كان الجميع يترقب الطفرة والنقلة المنشودة على صعيد الأداء والنتائج، لكن المحصلة جاءت محبطة وعلى غير التوقعات، حيث غاب الاستقرار والحلول التكتيكية بالمستطيل، ما أضعف الحظوظ المتاحة في التأهل وأدخل منتخبنا في حسبة القراءات التي باتت مرهونة بأقدام الآخرين. ورغم الدعم الفني وتوفير الممكنات التي يحتاجها، إلا أن المدرب لم يُوفق في أغلب قراءاته ولم ينجح في إحداث الفارق والتحول الذي انتظرته الجماهير، لاسيما في استثمار المنافسة الأسهل تاريخياً للتأهل، فالإقالة وإن تأخرت، لكنها لم تكن مرتبطة بمباراة واحدة، بل كان مُهيئاً لها بعد استنفاد الشوافع والموانع التي مُنحت للمدرب.

ومع ذلك، فإن تغيير الجهاز الفني لن يكون كافياً ويبقى مُسكناً ما لم تكن هناك برمجة جديدة وفق رؤية محددة الأهداف مع أهمية اختيار شخص قادر على مواءمة قدرات وفكر اللاعبين لإخراج الأفضل وقطف ثماره، كون المطلوب ليس فقط استقطاب اسم رنان وكبير بقدر ما هنالك ضرورة واجبة في إعادة الهوية الغائبة وتدعيمها بعناصر طامحة لديها الشغف والرغبة لتقديم صورة جديدة لمنتخبها وتزكيته لاسترجاع ما فقده في السنوات الماضية، فالأبيض لا يفتقر إلى الإمكانات، بل يحتاج إلى فكر منسجم مع المعطيات الحالية، إذ إن التغيير الحقيقي لا يكون بإقالة مدرب فقط، بل بإعادة بناء المنظومة بأكملها، لاسيما أننا مررنا بتجارب مريرة تعيدنا لنقطة الصفر في كل مرة. ولعل سياسة التجنيس لم تؤتِ أيضاً نتائجها المتوقعة كما يرى النقاد، الذين اتفقوا على أن يكون التجنيس مشروعاً متكاملاً وليس مجرد حل مؤقت لسد النقص في بعض المراكز، كون الاعتماد المفرط عليه سيحد من تطوير الخامات المحلية وقد يؤدي إلى تبعات عكسية على المدى الطويل.

لذا فإن المرحلة القادمة تتطلب عملاً وجهداً وحظاً بالتوازي، فالجمهور لم يعد يحتمل الإخفاقات، كونه ينتظر منتخباً ينافس لا يُكافح، فهل تكون هذه الإقالة بدايةً جديدةً لإعادة بناء المنتخب، أم سنستمر مع مسلسل التغييرات وفي الدوامة نفسها، ثم ننتظر جيلاً آخر ليبني الحُلم من جديد؟

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

تويتر
log/pix