المقال

رسالة مشبوهة

محمد نجيب*

رسالة بدت غريبة في البداية، لكن متلقيها لم يتشكك في مرسلها أو محتواها، إذ وردت عبر تطبيق «واتس أب» من رقم أحد أصدقائه، يطلب فيها إرسال بيانات بطاقته الائتمانية إليه فوراً، كونه يشتري شيئاً ضرورياً، وتعطلت بطاقاته فجأة ولا يملك ما يكفي لشرائه نقداً.

وبعد تردد لم يدم طويلاً، قرر إرسال بيانات البطاقة إلى صديقه، إذ تربطهما علاقة وثيقة، وكثيراً ما اقترض كل منهما أموالاً من الآخر، وكانا دائماً ملتزمين بسدادها، وخلال ثوانٍ نفذت عمليات شراء تجاوزت قيمتها 20 ألف درهم، وانتظر صاحبنا لساعات مكالمة من صديقه لكن دون جدوى، فبادر إلى الاتصال به ليتلقى صدمة عنيفة، وهي أن الأخير لم يطلب منه بيانات أي بطاقات، وأن الرسالة التي تلقاها وردت من «هاكر» اخترق حساب صديقه على «واتس أب».

حالة أخرى لشخص أغرته فرصة سداد رسوم مخفضة لخدمة حكومية عبر الموقع الإلكتروني للدائرة المعنية بتقديم هذه الخدمة، لكن اكتشف لاحقاً أنه موقع وهمي مستنسخ، وتم اختراق بطاقته الائتمانية والاستيلاء على رصيدها.

حالات عدة مماثلة تتكرر يومياً، ويبادر أصحابها مباشرة إلى التواصل مع البنوك لسرعة التدخل وتجميد المبالغ المسروقة، وغالباً ما يجدون صعوبة في ذلك لأسباب تقنية مرتبطة باتفاقيات وعقود ذات صلة بالشركات المنتجة للبطاقة.

والسؤال الذي يتكرر هنا: هل تقع على البنك مسؤولية قانونية في حالات اختراق أو سرقة بيانات عملائه؟

الحقيقة أن البنوك في العالم أجمع تأتي على رأس قائمة المؤسسات المستهدفة من قبل قراصنة الانترنت المحترفين، سواء من خلال محاولة اختراق أنظمتها، أو بيانات عملائها، وتضاعفت خطورة هذه الموجات الإجرامية في ظل اعتماد الهاكرز على الذكاء الاصطناعي المخيف في تطوير أساليب الاختراق.

والإجابة أن البنك لا يتحمل أي مسؤولية قانونية إذا أخطأ صاحب البطاقة أو الحساب البنكي وأفصح عن بيانات سرية لا يفترض الإفصاح عنها، مثل أرقام البطاقة أو الرقم الثلاثي الموجود في ظهرها أو الرقم السري، أو بيانات كلمة السر الواحدة التي يرسلها البنك كشرط لإتمام أي معاملة.

البنك يتحمل المسؤولية القانونية فقط إذا حدث أي تسريب للبيانات من طرفه، كأن يتورط أحد موظفيه في الإفصاح عن أسرار عميل، ويقع اختراق نتيجة ذلك. وللحديث بقية لأهمية القضية.

*محكم ومستشار قانوني

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

تويتر
log/pix