تحديات تتفاقم في عالم متسارع

الدكتور أشرف مصطفى

يعد الاهتمام بالطفل من أصحاب الهمم من مسببات الضغوط النفسية، حيث يؤثر بشكل سلبي في الصحة النفسية للأسر، خصوصاً الأمهات، فميلاد طفل من أصحاب الهمم داخل الأسرة يعد بمثابة تحدٍّ لأفراد الأسرة بشكل عام، وللوالدين بشكل خاص، حيث يلجأ الوالدان دائماً لتكوين صورة مثالية لأطفالهما حتى قبل الميلاد، ولكن ظهور الطفل الجديد بشكل مخالف لتوقعاتهما يفرض عليهما واقعاً لم يألفاه من قبل، لذا عليهما التكيف والتوازن والتواصل مع الموقف الجديد.

وفي ظل المتغيرات الحديثة والبيئة المتسارعة التي نعيشها، نجد أن أمهات أطفال التوحد يواجهن ضغوطاً هائلة تزيد من احتمالية إصابتهن بالاحتراق النفسي، إذ يعانين تحديات متعددة، نتيجة للمسؤولية الملقاة على عاتقهن، فإضافة إلى التحديات التقليدية المرتبطة برعاية طفل مصاب بالتوحد، تظهر ضغوط العصر الحديث لتزيد من حدة الوضع، فتكاليف العلاجات والتدخلات المبكرة الباهظة مع محدودية دخل الأسرة، تضع عبئاً مالياً كبيراً على الأسرة، ما يزيد من شعور الأمهات بالقلق والإرهاق، بل إن تسارع وتيرة الحياة، وزيادة الأعباء اليومية، مثل العمل خارج المنزل، والاهتمام بشؤون أفراد الأسرة الآخرين، يجعلان من الصعب على الأمهات تخصيص وقت كافٍ لرعاية أطفالهن المصابين بالتوحد، ما يؤدي إلى شعورهن بالذنب والإحباط.

ولا ننسَ نظرات الشفقة من المجتمع، ما يزيد عزلتهن، ويقلل فرص حصولهن على الدعم.

وتظهر أعراض الاحتراق النفسي في أشكال عدة، منها الإرهاق، وفقدان الطاقة، وصعوبة النوم والتركيز، وفقدان الاهتمام بالأنشطة التي كنّ يفضلنها سابقاً.

كما تميل أمهات إلى الانسحاب الاجتماعي، وتجنب التفاعلات مع الآخرين، ما يؤثر سلباً في صحتهن النفسية والجسدية.

لذلك من الضروري زيادة الوعي بظاهرة الاحتراق النفسي لدى أمهات أطفال التوحد، وتوفير الدعم الكافي لهن لتمكينهن من مواصلة رعاية أطفالهن في بيئة صحية وآمنة.

ويمكن تحقيق ذلك من خلال توفير خدمات الدعم النفسي والاجتماعي، مثل مجموعات الدعم والاستشارات النفسية المتخصصة، كما أن زيادة الوعي المجتمعي باضطراب التوحد، وتحديات رعاية أطفال التوحد، يمكن أن تسهما في تقليل الوصمة الاجتماعية، وتوفير بيئة أكثر تفهماً ودعماً للأمهات وأطفالهن.

*جامعة الإمارات العربية المتحدة

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

 

تويتر
log/pix