«التوصيل» تأكل من لقمة المطعم
في مقالي السابق، وجّهت نقداً لبعض المطاعم التي تُهمل جودة طلبات التوصيل، وتتعامل معها كنسخة «من الدرجة الثانية» من خدماتها داخل الصالة، وتفاعَل كثيرون مع الطرح، لكن ما لفت انتباهي حقاً، رسالة جاءتني من أحد أصحاب المطاعم، اختصر فيها مأساةً لا نراها من الخارج، وفتح لي نافذة على معاناة صامتة خلف كواليس المطابخ.
الأخ علي العلي، وهو صاحب ثلاثة مطاعم، كتب لي قائلاً: «يا دكتور، نحن مظلومون! فشركات التوصيل تستحوذ على 45% إلى 50% من سعر الوجبة، ومع ذلك نُلام على أي خطأ في التوصيل، ونُجبر على دفع إعلانات داخل المنصة، كأننا لسنا شركاء بل تابعون».
وتأكيداً على ما ذكره، تشير بيانات رسمية إلى أن متوسط العمولة التي تفرضها شركات التوصيل في الإمارات يراوح بين 20% و35% من قيمة الطلب، وقد يصل إلى 50% في بعض الحالات.
وبعض المنصات تشترط على المطاعم دفع مبالغ إضافية للإعلانات داخل التطبيق، دون أن تتحمل أي مسؤولية عن أخطاء التوصيل أو انخفاض الجودة.
وفي المقابل، أظهرت تقارير صحافية أن رسوم التوصيل على الزبائن ارتفعت بنسبة تصل إلى 80%، ليجد الجميع أنفسهم أمام معادلة غريبة: الزبون يدفع أكثر، المطعم يكسب أقل.. والتطبيق يربح دائماً!
المعادلة باختصار: الزبون يريد جودة، والمطعم يريد الاستمرار، والتطبيق يحصد الأرباح.
فأين العدل في ذلك؟
وإلى متى تبقى حقوق أصحاب المطاعم تحت رحمة شركات لا تُحاسب على أخطائها، ولا تُشارك في التكاليف الفعلية للإنتاج؟
رسالتي اليوم مزدوجة:
للزبائن أقول: لا تترددوا في المطالبة بجودة تستحقونها، لكن افهموا أيضاً ضغوط السوق على المطاعم.
ولأصحاب القرار: آن الأوان لإعادة تنظيم العلاقة بين المطاعم ومنصات التوصيل، بما يحفظ التوازن، ويمنع استنزاف من يحمل عبء الجودة والسمعة معاً.
فما قيمة أن يصل الطعام ساخناً.. إذا كان صاحب المطعم هو من يحترق في الخلفية؟
*محامٍ وكاتب إعلامي
X.com/dryalsharif
www.ysalc.ae
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه