«الكاشير».. دعابة جزائرية للحراك الشعبي تتصدر «السوشيال ميديا»
تحولت المرتديلا أو ما يعرف باللهجة الجزائرية «الكاشير» وكذلك «الإطار الفارغ» إلى رموز تعبر عن رفض شعبي للنظام الحاكم في الجزائر
فمنذ انطلاق الاحتجاجات الشعبية في الجزائر ضد العهدة الخامسة للرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، في 22 فبراير2019، برز في التظاهرات وبصورة تدريجية رمزان غريبان.
«الكاشير» كان أحدهما، أما الآخر فهو «إطار فارغ»، تحوَّل كل منهما سريعاً إلى رمزين لرفض الجزائريين للانتخابات المقبلة وتصدرا مواقع التواصل الاجتماعي «السوشيال ميديا».
و«الكاشير» وجبة تقليدية منتشرة في الجزائر تشبه المرتديلا، وهي نوع من أنواع اللحوم الباردة.
ويعتبر «الكاشير» إحدى الوجبات ذات الشعبية الكبيرة في الجزائر لاستخدام شرائحه بتحضير الـ «ساندويش» والوجبات الخفيفة السريعة.
و«الكاشير» مع الحراك الجزائري الحالي لم يعد مجرد وجبة شهية.
فقد برز في المشهد السياسي أيضاً بصورة تعكس حس الدعابة لدى الشعب الجزائري وتعبّر عن غضبه في الوقت ذاته.
وتحوَّلت هذه الوجبة الشعبية اللذيذة إلى رمز للفساد.
فخلال الحملات الانتخابية للرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، اعتاد حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم على تقديم لحم «الكاشير» لتجمعات وحشود الجماهير الناخبة.
ولم يقتصر ذلك على الانتخابات فحسب، فالنظام الحاكم غالباً ما كان يقدم وجبة غداء مكونة من ساندويتشات خبز بالـ «كاشير» للحشود التي يستقدمها من مختلف المحافظات.
وتقدم هذه الوجبة الشعبية أثناء تنظيم التجمعات الداعمة للحزب الحاكم أو خلال الزيارات التي كان يقوم بها الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة قبل إصابته بجلطة دماغية.
ومن هنا بدأت وجبة «الكاشير» تأخذ بُعداً سياسياً، وأصبحت لدى الكثيرين رمزاً للفساد والرشوة.
وخلال التظاهرات الجزائرية التي انطلقت في 22 فبراير 2019، ظهر «الكاشير» شيئاً فشيئاً كرمز للاحتجاجات الشعبية المنددة بالفساد والمطالبة بالتغيير السياسي.
وأصبح المتابع للحراك الجزائري يرى ضمن التظاهرات شعارات مرتبطة بـ«الكاشير» مثل: «انتهى عهد الكاشير في الجزائر»، «لا لثقافة الكاشير»، «في الحماية ما كاش الكاشير».. وغيرها.
ورويداً رويداً بات «الكاشير» يشكل صورة دالة لرفض الجزائريين للانتخابات الرئاسية المقررة في 18 أبريل 2019 من جهة، ولرفض النظام الحاكم من جهة ثانية.
وصار «الكاشير» الحاضر الذي لا يغيب في كل المسيرات السلمية المنظمة، سواء عن طريق صور يرفعها المتظاهرون على شكل شعارات أو من خلال حمله في الشارع.
وفي المسيرة السادسة، أمس الجمعة، حمل أحد المتظاهرين بساحة البريد المركزي بالجزائر العاصمة، صنارة، ووضع عليها «قطعا من الكاشير»، وهي رسالة سياسية ضمنية مفادها أن الحراك الشعبي سيصطاد كل رموز النظام الذين تنكروا للشعب، ونهبوا أموال الخزينة العمومية من دون حسيب أو رقيب.
ولم يكن الـ «كاشير» الرمز الوحيد الذي استخدمه الجزائريون للتعبير عن احتجاجهم ضد النظام الحاكم.
فقد كان هناك رمزية أخرى قد تكون أشد بلاغاً، وهي الإطار الفارغ.
فمنذ تدهور حالة الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة الصحية، لم يعد قادراً على حضور المناسبات الرسمية بشكل شخصي.
فاستعاض مؤيدوه عن حضوره بوضع صورته الشخصية في المناسبات والفعاليات الرسمية.
فمثلاً حضرت صورة الرئيس بوتفليقة بالنيابة عنه خلال الاحتفالات بعيد الاستقلال في 5 يوليو الماضي.
وفي 9 فبراير أطلق حزب «جبهة التحرير الوطني» الحاكم في القاعة البيضاوية بالعاصمة الجزائرية حملة بوتفليقة لانتخابات 18 أبريل.
عندها لم يكن الرئيس بوتفليقة حاضراً، لكن نابت عنه صورته، التي صفق لها موالوه ومؤيدوه بحرارة في نهاية الحملة.
وكانت هذه الحادثة إحدى الشرارات التي دعت الشعب الجزائري للتظاهر احتجاجاً على عدم قدرة الرئيس بوتفليقة على الظهور علانية على الملأ.
وحمل المتظاهرون إطاراً فارغاً في تظاهراتهم كرمز يشير إلى شخصية الرئيس الغائب عن الأنظار، وبات أحد رموز الاحتجاج مع «الكاشير» ضد العهدة الخامسة للرئيس عبدالعزيز بوتفليقة.