شريفة فاضل "أم البطل".. هكذا خلدت ذكرى ابنها الشهيد
رغم مرور زمن طويل على أغنية "أم البطل" التي قدمتها المطربة المصرية شريفة فاضل، إلا أن تلك الأغنية تعد حتى الآن واحدة من أشهر الأغنيات وأهم الأغنيات عن حرب أكتوبر 1973، التي تمر ذكراها الـ46 على هذا العام.
وبحسب صحيفة أخبار اليوم المصرية، فقد تلقت الفنانة شريفة فاضل في صباح أحد الأيام، أصعب خبر من الممكن أن تسمعه "أم" في حياتها، وهو استشهاد نجلها الأكبر الملازم أول طيار "سيد السيد بدير"، وكان شابًا يافعاً قوياً يمتلئ بالحيوية، حديث التخرج، وتلقى تدريباته على الطيران في روسيا.
تلقت المطربة الخبر كالصاعقة، وصار الحزن ملازماً لها، وأصيبت بانهيار عصبي حاد دفعها لاعتزال أسرتها وجيرانها وأصدقائها، وأعلنت اعتزالها الفن.
بعد فترة، تماسكت شريفة فاضل، وانتفضت من عزلتها وقررت كسر حاجز الصمت الذي غلف حياتها من خلال إنشاد أغنية وطنية، وقامت بالاتصال بصديقتها الشاعرة نبيلة قنديل، وطلبت مقابلتها لأمر هام هي وزوجها المُلحن علي إسماعيل.
طلبت شريفة فاضل كلمات أغنية تعبر عن حال كل "أم" فقدت ابنها خلال الحرب، لتكون فخورة بما قدمته من تضحية وبما فعله نجلها البطل، وبعد انتهاء الحوار دخلت الشاعرة غرفة الشهيد طيار سيد بدير، وأغلقت على نفسها الباب من الداخل وبعد عدة ساعات خرجت من الغرفة وهي تحمل في يدها ورقة بكلمات الأغنية، وبدأت في قراءتها.
دخلت الفنانة شريفة فاضل فور الانتهاء من سماع الكلمات في نوبة من البكاء الهستيري، وكأن كلمات الأغنية كتُبت بدموعها وآلامها، فقد شعرت أنها تعبر عنها بالفعل، وهنا تدخل الملحن علي إسماعيل الذي تأثر بشدة وذرفت عيناه الدموع وطلب مهلة لصياغة هذه الكلمات في شكل لحن، فأخذ الكلمات وتوجه إلى منزله ولم ينم في هذه الليلة، وعكف على وضع الترتيبات النهائية لهذا اللحن، وعاد في اليوم التالي بلحن شديد الروعة والدقة، وبمجرد أن عرضه على الفنانة شريفة فاضل بدا ظاهرًا على وجهها شدة التأثر، ثم دخلت في نوبة بكاء هستيري للمرة الثانية.
ذهبت الفنانة شريفة فاضل إلى مبنى الإذاعة والتلفزيون المصري، والتقت بالفنان "بابا شارو" وكان رئيس الإذاعة المصرية آنذاك، وعرضت عليه الأغنية لتسجيلها في استوديوهات الإذاعة، ورحب "بابا شارو" بالأغنية وكلماتها، إلا إنه اعترض على اللحن لاعتماده على الناي في العزف، ما جعل الأغنية حزينة جدًا وهو ما يدفع المستمع لعدم تقبلها، فضلاً عن إشفاقه على الجنود الذين سيستمعون إليها فيما بعد، لذا طلب من مهندسي الصوت بالإذاعة المصرية إضافة آلات الموسيقية للمساعدة على إخراج الأغنية في أفضل شكل.
ومع بدأ تسجيل الأغنية، دخلت المطربة شريفة فاضل في نوبة حادة من البكاء، وتكرر الأمر وتوقف التسجيل مرات عدة بسبب بكائها وسقوطها مغشياً عليها، حتى أن الفنانة فايزة أحمد كانت موجودة بالصدفة آنذاك في الإذاعة المصرية، وشاهدت تفاصيل ما حدث، وطلبت من شريفة فاضل الانتظار لعدة أسابيع حتى تستعيد عافيتها وتتمكن من الغناء، لكن الأخيرة رفضت وأصرت على التسجيل حتى نجحت أخيرًا في التماسك وأنهت الأغنية التي خرجت لاحقاً إلى النور.
بقول كلمات الأعنية:
ابني حبيبي يا نور عيني .. بيضربوا بيك المثل
كل الحبايب بتهنيني .. طبعا ما أنا أم البطل
يا مصر ولدي الحر .. اتربى وشبع من خيرك
اتقوى من عظمه شمسك.. اتعلم على إيد أحرارك
اتسلح بإيمانه وإسمك
شد الرحال.. شق الرمال.. هد الجبال.. عدى المحال
زرع العلم.. طرح الأمل.. وبقيت أنا.. أم البطل
العالم وصلت أخباره.. لشجاعته وتحريره لأرضه
اتلموا إخواته واعمامه.. من كل بلد عربي جم جمبه
الكل قال باسم النضال .. وقفة رجال صدق اللي قال
زرعوا العلم .. طرحوا الأمل
وبقيت أنا .. أم البطل