بالفيديو والصور: «الصُراع».. «سومو» سودانية في جبال النوبة
تسمى رياضة المصارعة عند أهالي جبال النوبة في غرب السودان بـ«الصُراع»، وهو نوع من أنواع الفنون القتالية يقوم على احترام الخصم وتقديره. وهي من أهم وأشهر الرياضات التي يمارسونها، بالإضافة إلى أنها نشاط اجتماعي شعبي، كما تعتبر جزءاً أصيلاً من تراث وثقافة المنطقة.
وترتبط ممارسة رياضة المصارعة بطقوس محددة تعرف بـ«السبر»، وهو طقس احتفالي يتصل بالمناسبات المتعلقة بدورة حياتهم، التي لا تكتمل حسب مفاهيمهم المتوارثة إلا بها. والثابت أن «الصراع» يبدأ مع شهور الحصاد، أي من شهر أغسطس حتى شهر ديسمبر، ويعتبر الحصاد بمنزلة عيد عند أهالي جبال النوبة، تقام له الاحتفالات، من ضمنها المصارعة، التي ينظر إليها كاحتفال قائم بذاته.
والمصارعة عند أهالي النوبة معان ودلالات اجتماعية وثقافية واقتصادية وفنية. إذ يقدم المصارعون عرضاً يشمل الرقص والغناء، ويتباهى المصارعون بخفة تحركهم ورشاقتهم، ويشترك معهم المشجعون في أداء الأغاني الحماسية.
وتشبه المصارعة النوبية المصارعة اليابانية «السومو»، وإن اختلفت في بعض التفاصيل. ويرتدي المصارع سروالاً قصيراً، وغالباً ما يكون الجزء العلوي عارياً ويتم دهنه بالألوان. وتعتمد هذه المصارعة على الخفة والرشاقة والخداع. تستخدم فيها الأيدي، إذ يقف المتصارعان في حلبة دائرية الشكل، ويسعى كل خصم لإيقاع الآخر أرضاً لتتم له الغلبة.
ويتخذ المصارعون ألقاباً تعبر عن قوتهم، كثيراً ما تكون أسماء قادة، مثل أوباما «الرئيس الأميركي السابق» ومنقستو «رئيس أثيوبيا السابق».
وتخلتف طقوس المصارعة النوبية بين قبيلة وأخرى، فالنوبيون ليسوا قبيلة واحدة، بل بضع قبائل تعيش في منطقة جنوب كردفان. وداخل القبيلة الواحدة يعهد بالمشاركة في المصارعة إلى بيوت محددة، فهو أمر شبه مقدس لا يستطيع أي فرد القيام به.
وانتقلت هذه الرياضة إلى الخرطوم منذ سبعينيات القرن الماضي، كغيرها من الطقوس والعادات والتقاليد التي جاء بها أهالي جبال النوبة بعد نزوحهم إلى العاصمة حيث حافظوا على ثقافتهم، ومارسوا «الصٌراع» كتأكيد على تمسّكهم بتلك الثقافة وبهويتهم.