أبحاث فوضوية تدمر جهود إيجاد علاج لفيروس كورونا
في محاولة يائسة لإيجاد علاج لمن أصيبوا بفيروس كورونا، أطلق الأطباء وشركات الأدوية أكثر من 100 تجربة بشرية في الولايات المتحدة، باحثين في العقاقير التجريبية، وعلاج الملاريا المستخدم منذ عقود، والعلاجات المتطورة التي نجحت في علاج حالات مثل فيروس نقص المناعة البشرية والتهاب المفاصل الروماتويدي.
ويعتبر تطوير علاجات فعالة لفيروس كورونا المستجد (كوفيد19)، أحد أهم المعالم في عودة الولايات المتحدة إلى وضعها الطبيعي. الا أن الجهد الضخم في أميركا فوضوي وغير منظم ومبتذل، ما يضر بفرص نجاحه، وفقًا لعدة باحثين وخبراء صحيين.
ويشكو الباحثون الذين يعملون على مدار الساعة الافتقار إلى استراتيجية وطنية مركزية في الولايات المتحدة، ويتذمرون من الجهود المتداخلة، ومجموعة التجارب الصغيرة التي لن تؤدي إلى نتائج محددة، ويقولون إنه لا توجد معايير لكيفية تحديد أولويات الجهود، أو البيانات التي يجب جمعها أو كيفية مشاركتها للحصول على إجابات بشكل أسرع.
ويصف رئيس قسم طب الرعاية الحرجة بكلية الطب بجامعة بيتسبيرغ، ديرك أنجوس، الوضع بأنه لا يشبه الموسيقى التناغمية – ولا تسير الامور على شكل أوركسترا. ويقود أنجوس تجربة "كوفيد 19" التي ستختبر علاجات متعددة. ويضيف قائلا: "قلبي يتألم من الفوضى في الاستجابة للوضع".
الافتقار إلى التنسيق
ويمكن أن تكون مؤسسة الأبحاث الطبية الحيوية العالمية هذه واحدة من أقوى الأصول في الحملة ضد الفيروس المستجد، مع وجود خبراء يدعمونها في جميع أنحاء العالم في جهود نادرة تصب على مواجهة عدو واحد. ولكن مع وجود أكثر من 500 تجربة سريرية بشرية في جميع أنحاء العالم، فإن الافتقار إلى التنسيق يعرض العالم لخطر محصلة نهائية من مجموعة من الدراسات غير الحاسمة والمتضاربة وفكرة ضئيلة عن التدخلات الفاشلة التي تؤجج للموجة التالية من المرض.
ويعترف مدير المعاهد الوطنية للصحة، فرانسيس كولينز، أكبر وكالة للأبحاث الطبية الحيوية في البلاد، بالإحباط الذي يصيب الباحثين لكنه قال في مقابلة إنه يعمل خلف الكواليس لإطلاق شراكة غير مسبوقة بين القطاعين العام والخاص في الولايات المتحدة لمعالجة مثل هذه المشاكل.
وقال إن إطار العمل يتضمن مشاركة أكبر شركات الأدوية مثل فايزر وجونسون آند جونسون، والوكالات الحكومية المحلية والدولية بما في ذلك وكالة الأدوية الأوروبية، ومراكز البحوث الأكاديمية.
وأضاف كولينز أن المناقشات التي استمرت شهرًا قد تم التحفظ عليها طي الكتمان لضمان المشاركة في نهج من المحتمل أن يتطلب تضحيات شخصية، واتخاذ قرار مركزي يتمثل في عدم المضي في اختبارات عقار شركة واحدة في من أجل التحرك بشكل أسرع .
وتابع: "أعتقد أن لدينا النفوذ اللازم لتوجيه هذا النظام البيئي المعقد بأكمله، من غير المحتمل أن نحصل على ما نحتاج إليه من مثل هذه التجارب الصغيرة غير المترابطة، النقطة الأساسية هي استبدال ذلك بنهج متماسك وقائم على الأدلة، نريد أن نحدد ما نعمل عليه، ونريد أن نحصل على اجابة بحلول يونيو أو يوليو".
ويقول مدير المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية، أنتوني فاوتشي، إن الشراكة التي يقودها كولينز هي "المكافئ العملي للاستراتيجية الوطنية".
وبينما يعمل كولينز على تطوير تلك الاستراتيجية، كانت المستشفيات وشركات الأدوية والمختبرات الحكومية والأطباء الفرديون يغمرون النظام بمقترحات للأدوية والتدخلات الأخرى لاختبارها ضد الفيروس- ما يضر بتجزئة مشروع البحث. على سبيل المثال، هناك أكثر من عشرين تجربة أمريكية منفصلة مدرجة لعقار هيدروكسي كلوروكوين المضاد للملاريا، وكلها ذات تصميمات مختلفة. ويستخدم البعض الدواء كوقاية، والبعض الآخر يستخدمه كعلاج، ويستخدمه البعض الآخر مع أدوية أخرى أو فيتامينات، وبعضهم لا يعرف ما إذا كان الدواء مسؤولًا عن النتيجة. وسيجعل ذلك الأمر أكثر صعوبة لاستنتاج ما إذا كان الدواء يعمل، أو أن هناك ظروف مساعدة هي التي أدت الى الشفاء.
ويقول كولينز إن المجموعة تعالج هذه المشكلة من خلال فحص حوالي 100 علاج محتمل لكوفيد 19 لتحديد أي من الأدوية الواعدة تعمل وذلك للمضي قدمًا في التجارب على نطاق واسع. وسيتم نشر ذلك في شبكات التجارب السريرية الكبيرة.
ملاحظات على استخدام دواء ريديمسفير
ورد في تقرير لصحيفة "واشنطن بست" حول التسابق على إيجاد عقار لعلاج فيروس كورونا بين شركات الادوية ان ثمة محاذير من الاندفاع نحو اعتماد دواء ريديمسفير الذي تصنعه شركة جيليد، وقالت الصحيفة إن الدواء يعتبر من الادوية التي تعطى لعلاج أنواع عدة من الفيروسات. ومن هذه المحاذير:
- أن 13% من أفراد العينة الذين تمت معالجتهم قد توفوا وهذه نسبة مقلقة.
- أن ثمة صعوبة في استخدام الدواء لأنه ليس حبوبا بل سائل ويحتاج إلى أن يحقن للمريض مع محاليل وهذا يعني أنه يجب على كل مريض يحتاج للعلاج بهذا الدواء التوجه إلى المستشفى والرقود فيه ما يشكل عبئا على الطواقم الطبية والمستشفيات.
- أن الدواء لم يدخل حتى الان سوى المرحلة 1 من اختبارات السلامة حتى يتم التأكد من أنه لن تكون له آثار جانبية سامة مفرطة على المريض، لذلك فان إثبات نجاعته كدواء يحتاج إلى أشهر عدة.
وقال الناطق باسم الشركة ريان مكيل "إن إجمالي المعلومات التي لدينا بحاجة إلى تحليل حتى نستخلص النتائج من التجريب، وبالرغم من أن النتائج مشجعة، إلا أنها لا توفر القوة الإحصائية اللازمة التي لتقرير سلامة وفعالية دواء ريميديسفير كعلاج لفيروس كوفيد 19.
تاريخ أول حالة تم تطبيق دواء "ريديمسفير" عليها
في التاسع عشر من يناير الماضي، ذهب شاب أميركي يبلغ من العمر 35 عامًا إلى إحدى العيادات، فقد كان يعاني من السعال وارتفاع في درجة الحرارة، وكان قد عاد للتو من زيارة لعائلته في مدينة ووهان الصينية، عندما رأى تحذير مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة الأميركية حول انتشار مرض فيروس كورونا المستجد (كوفيد– 19)، ليقرر الحصول على المساعدة الطبية، وهكذا انتهى به الحال في تلك العيادة، في انتظار المجهول.
في اليوم التالي، أصبح هذا الثلاثيني أول حالة مؤكدة للإصابة بالفيروس في الولايات المتحدة. عُزل المريض في أحد المستشفيات مع مراقبة حالته، وتجريب أدوية مختلفة للحد من شدة الأعراض، ولكن بعد 5 أيام عانى من الالتهاب الرئوي إلى جانب استمرار الحمى، وعندما تفاقمت حالته، فكر المعالجون في حقنه بعقار تجريبي مضاد للفيروسات يدعي "ريمديسفير"، إذ بدأت حالته في التحسُّن حتى تعافى تمامًا.