ذوبان طبقة الجليد في القطب الشمالي ينشر فيروسات ظلت مدفونة ملايين السنين

يتخوف العلماء من إن تغير المناخ قد ينشط الأمراض المعدية مثل الجدري والملاريا وحمى الضنك وفيروس زيكا نتيجة الاحتباس الحراري.

كما أن ذوبان الجليد بسبب التغير المناخي قد يبعث الأمراض التي تعود إلى عصور ما قبل التاريخ من التربة الصقيعية في سيبيريا.

وتقول الباحثة في علم الأحياء الدقيقة السريرية بجامعة أوميا في السويد، بيرغيتا إيفينغارد «أرى مستقبلًا مروعًا حقًا للإنسان العاقل لأننا عندما نتجاوز حدودنا، نتعرض لمثل هذه الأخطار». وتضيف «إن عدونا الأكبر هو جهلنا، فالطبيعة مليئة بالكائنات الحية الدقيقة.»

وتعتبر التربة الصقيعية قنبلة موقوتة لتغير المناخ، حيث تنتشر هذه القنبلة المفترضة في جميع أنحاء روسيا وكندا وألاسكا، وتحتوي على ثلاثة أضعاف الكربون الذي انبعث منذ بداية ثورة التصنيع الى الآن.

وحتى ولو تمكنت البشرية من الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري بأقل من درجتين مئويتين، وهو الهدف الأساسي لاتفاقية باريس لعام 2015، فإن منطقة التربة الصقيعية المكشوفة ستنحسر فقط بمقدار الربع بحلول عام 2100، وفقًا للجنة علوم المناخ التابعة للأمم المتحدة.

ويقول أستاذ الجيوفيزياء بجامعة ألاسكا في فيربانكس، فلاديمير رومانوفسكي، «يمكن للكائنات الدقيقة أن تعيش في المناطق المتجمدة لفترة طويلة جدًا».

وأوضح أنه مع ذوبان الجليد عن التربة، تصعد جزيئات التربة والمواد العضوية والكائنات الدقيقة التي تجمدت منذ آلاف السنين نحو السطح عن طريق تدفق المياه.

و«هذه هي الطريقة التي يمكن أن يؤدي بها ذوبان الرقعة الجليدية إلى نشر هذه الكائنات الدقيقة في بيئات اليوم.» وهناك بالفعل أمثلة على الحشرات القديمة المجمدة التي عادت إلي الحياة.
 
ويقول الأستاذ الفخري لعلم الجينوم في كلية الطب بجامعة إيكس بمرسيليا في فرنسا، جان ميشيل كلافيري، «عندما تضع بذرة في تربة متجمدة لآلاف السنين لن يحدث لها أي شيء» ويضيف و«لكن عندما تقوم بتدفئة الأرض، ستكون البذرة قادرة على الإنبات، وهذا مشابه لما يحدث مع الفيروس.»

ونجح مختبر كلافيري في إحياء فيروسات سيبيريا التي لا يقل عمرها عن 30000 عام.

هذه الحشرات المعاد تنشيطها تهاجم الأميبات فقط، ولكن منذ عشرات الآلاف من السنين كان هناك بالتأكيد حشرات أخرى تستهدف أعلى السلسلة الغذائية.

ويقول كلافيري: «لقد مرض إنسان نياندرتال، والماموث، ووحيد القرن الصوفي، ومات الكثير منها، وربما لا تزال بعض الفيروسات التي تسببت في مرض هذه الحيوانات موجودة في التربة».

وتحتوي التربة الصقيعية على عدد لا يُحصى من البكتيريا والفيروسات الكامنة، لكن السؤال الأهم هو ما مدى خطورتها. وهنا يختلف العلماء.

يقول إيفينغارد: «تُظهر الجمرة الخبيثة أن البكتيريا يمكن أن تبقى في التربة الصقيعية لمئات السنين ويمكن إحياءها».

في عام 2016، توفي طفل في سيبيريا بسبب هذا المرض الذي اختفى من المنطقة قبل 75 عامًا على الأقل. وتُعزى هذه الحالة إلى ذوبان الجليد عن جثة مصابة مدفونة منذ فترة طويلة.

قد تكون مسببات الأمراض الأخرى - مثل الجدري أو سلالة الإنفلونزا التي قتلت عشرات الملايين في عامي 1917 و1918 - موجودة أيضًا في منطقة القطب الشمالي.

ويخلص رومانوفسكي في دراسة نُشرت في وقت سابق من هذا العام إلى أنها «ربما تكون معطلة».

لكن بالنسبة إلى كلافيري، لا يمكن استبعاد عودة الجدري - الذي أُعلن القضاء عليه رسميًا قبل 50 عامًا.

وأشار إلى أن ضحايا المرض في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر «المدفونين في مقابر في سيبيريا قد محفوظين تماماً بسبب الجليد».

ويضيف بأن الخطر الحقيقي يكمن في الطبقات الأعمق حيث توجد مسببات الأمراض غير المعروفة التي لم تر النور منذ مليوني سنة أو أكثر.

 

تويتر