حرب مثلّجات بين إسرائيل والفلسطينيين

يجد الإسرائيلي آفي زنغر، صاحب حق امتياز صناعة مثلجات «بن أند جيري»، نفسه ومصنعه الصغير في قلب عاصفة سياسية، بعد قرار الشركة الأميركية الأم بمقاطعة مستوطنات الضفّة الغربيّة المحتلّة.

ويقول زنغر لوكالة فرانس برس من مصنعه في قرية بئر توفيا الزراعية جنوب تل أبيب، حيث يعمل 160 موظفاً في صناعة المثلّجات الصيفية «سنواصل البيع في أي مكان يرتبط بإسرائيل».

وأعلنت الشركة التابعة لمجموعة يونيليفر، ومقرها فيرمونت، قبل ايام أنّها ستتوقف عن تسويق منتجاتها في الأراضي الفلسطينية المحتلّة، وتحديداً الضفّة الغربيّة والقدس الشرقيّة، لعدم توافق ذلك مع «قيمها»، الأمر الذي أغضب القادة الإسرائيليين.

واحتلت إسرائيل الضفّة الغربيّة بما فيها القدس الشرقيّة عام 1967. ومنذ ذلك الحين، تقوم ببناء مستوطنات في الضفّة الغربيّة حيث يعيش حوالى 670 ألف إسرائيلي. ويعتبر المجتمع الدولي المستوطنات غير قانونية. ويسود توتر باستمرار بين الفلسطينيين وسكان المستوطنات.

ورحّب فلسطينيون بإعلان الشركة الأميركية مقاطعة المستوطنات. وانتشرت على صفحات التواصل الاجتماعي عبارة «بوظتي المفضلة» ودعوات لشرائها.

كما تناقل ناشطون على موقع «فيسبوك» صورة لرئيس القائمة المشتركة عضو الكنيست أيمن عودة يتناول المثلجات ويرسم بيده إشارة إشادة، تأكيداً على دعمه قرار المقاطعة.

دعاية مجانية:
كان يمكن لزنغر أن يكون سعيداً بهذه الدعاية المجانية، لكنّ إعلان الشركة الأميركية أثار عاصفة من ردود الفعل الإسرائيلية على وسائل التواصل الاجتماعي وعلى لسان المسؤولين، ما يهدّد سوق المثلجات التي يبيعها.

وتقاتل الحكومة الإسرائيلية بضراوة منذ سنوات حركة المقاطعة «بي دي أس» التي تدعو إلى مقاطعة اقتصادية، أو ثقافية، أو أكاديمية، لإسرائيل، بهدف إنهاء الاحتلال الإسرائيلي والاستيطان بالأراضي الفلسطينية.

وهدّد رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بينيت، الذي أجرى اتصالاً مباشراً بالرئيس التنفيذي لشركة يونيليفر، بـ«عواقب وخيمة» جراء القرار.

وقال مكتبه لوكالة فرانس برس «المقاطعة لم ولن تنجح، وسنكافحها بكلّ قوّتنا»، مضيفاً «لدينا الكثير من المثلّجات، لكننا نملك بلداً واحداً».

وحضّ سفير إسرائيل لدى الولايات المتحدة، غلعاد أردان، في رسالة الثلاثاء، 35 ولاية أميركية من إجمالي خمسين، على اتباع القوانين المناهضة لحركة المقاطعة التي أُقرّت لحظر مقاطعة إسرائيل.

أجراس الإندار:
وفيما وصف رئيس الدولة إسحاق هرتسوغ المقاطعة بـ«شكل جديد من الإرهاب»، اعتبرت السلطة الفلسطينية أنّ على هرتسوغ أن يشكر «بن أند جيري» لأنهم «دقوا أجراس الإنذار».

وأضافت «إما أن تسمع إسرائيل الرسالة وتعمل على إنهاء احتلالها، أو ستواجه مقاطعة كاملة».

فصل السياسة عن البوظة:
ويخشى زنغر على مثلّجاته التي يرغب في بيعها للفلسطينيين والإسرائيليين أينما تواجدوا، سواء في تل أبيب أم في مستوطنات أو أي مكان آخر.

ويقول «لا يمكننا مقاطعة المواطنين الإسرائيليين لأسباب سياسية»، موضحاً أن رفضه الامتثال لقرار الشركة الأم، أدى الى عدم تجديدها اتفاق التصنيع الذي ينتهي العام المقبل.

وبينما يستمر مصنع بئر توفيا بالعمل في الأشهر المتبقية قبل انتهاء العقد، يخشى الموظفون على مصيرهم.

وتقول إيليت داملاو (38 عاما)، وهي مراقبة الجودة في المصنع، بأسف «أخشى على وظيفتي وعلى وظائف أصدقائي الذين يعملون هنا»، مضيفة «ليس من السهل أن تكتشف فجأة أنك قد تفقد وظيفتك».

على مواقع التواصل الاجتماعي، وإثر دعوات أولية لمقاطعة العلامة التجارية العملاقة، وجّه الإسرائيليون نداءات عدّة لدعم الامتياز المحلي المعارض لقرار الشركة الأم.

وأوضح موشيه وايزمان خلال زيارته مصنع المثلّجات الأربعاء لفرانس برس «جئت لأعبّر عن دعمي» للمنتج المحلي، بينما كانت زوجته وطفلاه (4 و13 عاما) يستمتعون بالتسوّق مع وفرة العروض.

وأضاف الرجل القادم من بلدة أوفاكيم جنوباً «علينا أن نفصل السياسة عن المثلّجات».

وأبدى البائع العامل في المصنع عومر غرانادا (19 سنة) دهشته، إذ «يأتي ناس أكثر من ذي قبل لشراء المثلجات دعماً لنا».

ويبقى زنغر الذي حصل على حقّ امتياز شركة «بن أند جيري» قبل 35 عاماً، «متفائلاً» بأن تتراجع المجموعة الأميركية عن قرارها، على غرار ما فعلت شركة «إير بي ان بي» قبل مدة.

وأعلنت حينها منصة تأجير المنازل والشقق عبر الإنترنت أنها تخلّت عن تقديم عروض في المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلّة، قبل أن تتراجع عن قرارها.
 

الأكثر مشاركة